197

Tafsir Mizan

تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي

وفي المعاني، عن الحسين البزاز قال: قال: لي أبو عبد الله (عليه السلام) ألا أحدثك بأشد ما فرض الله على خلقه؟ قلت: بلى قال، إنصاف الناس من نفسك، ومواساتك لأخيك، وذكر الله في كل موطن، أما إني لا أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وإن كان هذا من ذاك، ولكن ذكر الله في كل موطن، إذا هجمت على طاعته أو معصيته.

أقول: وهذا المعنى مروي بطرق كثيرة عن النبي ، وأهل بيته (عليهم السلام)، وفي بعضها وهو قول الله: الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون الآية.

وفي عدة الداعي، عن النبي، قال: قال سبحانه: إذا علمت أن الغالب على عبدي الاشتغال بي، نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي، فإذا كان عبدي كذلك وأراد أن يسهو حلت بينه وبين أن يسهو، أولئك أوليائي حقا، أولئك الأبطال حقا، أولئك الذين إذا أردت أن أهلك أهل الأرض عقوبة زويتها عنهم من أجل أولئك الأبطال.

وفي المحاسن، عن الصادق (عليه السلام) قال: قال الله تعالى: ابن آدم اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي، ابن آدم اذكرني في خلاء أذكرك في خلاء، اذكرني في ملإ أذكرك في ملإ خير من ملإك، وقال: ما من عبد يذكر الله في ملإ من الناس إلا ذكره الله في ملإ من الملائكة.

أقول: وقد روي هذا المعنى بطرق كثيرة في كتب الفريقين.

وفي الدر المنثور، أخرج الطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال: قال: رسول الله،: من أعطي أربعا أعطي أربعا، وتفسير ذلك في كتاب الله من أعطي الذكر ذكره الله، لأن الله يقول: اذكروني أذكركم، ومن أعطي الدعاء أعطي الإجابة، لأن الله يقول: ادعوني أستجب لكم، ومن أعطي الشكر أعطي الزيادة، لأن الله يقول: لئن شكرتم لأزيدنكم، ومن أعطي الاستغفار أعطي المغفرة لأن الله يقول: استغفروا ربكم إنه كان غفارا.

وفي الدر المنثور، أيضا أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن خالد بن أبي عمران، قال: قال: رسول الله:، من أطاع الله فقد ذكر الله، وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن، ومن عصى الله فقد نسي الله، وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن.

أقول: في الحديث إشارة إلى أن المعصية لا تتحقق من العبد إلا بالغفلة والنسيان فإن الإنسان لو ذكر ما حقيقة معصيته وما لها من الأثر لم يقدم على معصيته، حتى أن من يعصي الله ولا يبالي إذا ذكر عند ذلك بالله، ولا يعتني بمقام ربه هو طاغ جاهل بمقام ربه وعلو كبريائه وكيفية إحاطته، وإلى ذلك تشير أيضا رواية أخرى، رواها الدر المنثور، عن أبي هند الداري، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي ومن ذكرني وهو مطيع فحق علي أن أذكره بمغفرتي، ومن ذكرني وهو عاص فحق علي أن أذكره بمقت الحديث، وما اشتمل عليه هذا الحديث من الذكر عند المعصية هو الذي تسميه الآية وسائر الأخبار بالنسيان لعدم ترتب آثار الذكر عليه، وللكلام بقايا سيجيء شطر منها.

Page 198