منهم إلى أن ( الرحمن ) هو المنعم بجلائل النعم ، وأن ( الرحيم ) هو المنعم بدقائقها ، وذهب آخرون إلى أن ( الرحمن ) هو المنعم على جميع الخلق ، وأن ( الرحيم ) هو المنعم على المؤمنين خاصة ، وذهب رأي ثالث إلى أن الوصفين بمعنى واحد ، وأن الثاني تأكيد للأول.
وذكر بعض المفسرين أن صيغة الرحمن مبالغة في الرحمة ، ويعلق السيد الخوئي (قده) عليه فيقول :
« وهو كذلك في خصوص هذه الكلمة ، سواء أكانت هيئة فعلان مستعملة في المبالغة أم لم تكن ، فإن كلمة ( الرحمن ) في جميع موارد استعمالها محذوفة المتعلق ، فيستفاد منها العموم وأن رحمته وسعت كل شيء ، ومما يدلنا على ذلك ، أنه لا يقال : إن الله بالناس أو بالمؤمنين لرحمن ، كما يقال : إن الله بالناس أو بالمؤمنين لرحيم ».
أما صفة ( الرحيم ) فهي « صفة مشبهة أو صيغة مبالغة. ومن خصائص هذه الصيغة أنها تستعمل غالبا في الغرائز واللوازم غير المنفكة عن الذات كالعليم والقدير والشريف والوضيع والسخي والبخيل والعلي والداني. فالفارق بين الصفتين : أن الرحيم يدل على لزوم الرحمة للذات وعدم انفكاكها عنها ، والرحمن يدل على ثبوت الرحمة فقط ، ومما يدل على أن الرحمة في كلمة ( الرحيم ) غريزة وسجية : أن هذه الكلمة ، لم ترد في القرآن عند ذكر متعلقها إلا متعدية بالباء ، فقد قال تعالى :
( إن الله بالناس لرؤف رحيم ) [البقرة : 143] ، ( وكان بالمؤمنين رحيما ) [الأحزاب : 43].
فكأنها عند ذكر متعلقها انسلخت عن التعدية إلى اللزوم » (1).
Page 43