124

( يضل به إلا الفاسقين ) [البقرة : 26].

ولكن الآيتين تدلان على أن المسألة تنطلق من أن زيغ القلب ناشئ من إرادتهم الانحراف ، من خلال علاقة الانفعال بالفعل ، كما أن الضلال نتيجة للفسق أو مظهر له ، ويبقى السؤال في نسبة الفعل إلى الله على أساس أنه خالق علاقة المسبب بالسبب ، والصورة بالواقع.

ولعل هذا هو ما جاء في تفسير الآية عن الإمام الرضا عليه السلام ، فقد سئل عن معنى قوله تعالى : ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ) قال : الختم هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة على كفرهم كما قال تعالى : ( بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ) (1) [النساء: 155] ، فإن الظاهر أن المقصود بالعقوبة ، النتيجة التكوينية للكفر ، باعتبار أنه يغلق القلب عن وحي الحقيقة الإيمانية ، فكأن الله يجعل انغلاق القلب عقوبة له ، والشاهد على ما قلناه هو الاستشهاد بالآية حيث يشير ظاهرها إلى أن الطبع كان بسبب الكفر من خلال تأثيره في عدم الإيمان إلا بدرجة ضعيفة جدا.

* * *

** الكفر والعصبية

( إن الذين كفروا ) واختاروا الكفر من خلال الغفلة المطبقة على عقولهم ، أو العقدة المتحكمة في ذاتهم ، أو الأهواء المسيطرة على مواقفهم وانتماءاتهم ، وقرروا الالتزام به ، والوقوف عنده ، بحيث لا يتحولون عنه مهما كانت الظروف والأوضاع والمؤثرات ( سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا

Page 133