المقدمة
الحمد لله الذي خَلَقَ السمواتِ والأرضَ وجَعَلَ الظلماتِ والنُّورَ ثم الذين كفروا بربهم يَعْدِلُون.
والحمد لله الذي لا يُؤَدَّى شُكْرُ نِعْمةٍ من نِعَمِهِ إلا بِنِعْمةٍ منه تُوجِبُ على مُؤَدِّي مَاضِي نِعَمِهِ بِأَدَائِها نعمةً حَادِثَةً يَجِبُ عليه شُكْرُه بها.
ولا يَبْلُغُ الواصفون كُنْهَ عَظَمَتِه الذي هو كما وَصَفَ نَفْسَهُ، وفوق ما يَصِفُهُ به خَلْقُه.
أحمده حمدًا كما يَنبغي لكرمِ وَجْهِهِ وعِزِّ جَلاله.
وأستعينه استعانةَ من لا حَوْل له ولا قُوَّة إلا به.
وأستَهْديه بِهُدَاهُ الذي لا يَضِلُّ من أَنْعَمَ به عليه.
واستغفره لما أَزْلَفْتُ وأَخَّرْتُ استغفار من يُقِرُّ بعبوديَّته، ويعلم أنه لا يَغْفِرُ ذنبه ولا يُنَجِّيه منه إلا هو.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، المُصْطَفى لوَحْيه، المنْتَخَبُ لرسالته، المفضَّلُ على جميع خلقه بِفَتْحِ رحمتهِ، وخَتْمِ نبوَّته، وأعمُّ ما أُرسل به مُرْسَل قَبْلَه، المرفوعُ ذكرُهُ مع ذكره في الأُولى، والشَّافع المشفَّع في الأُخرى، أفضلُ خَلْقِه نفسًا، وأجمعهم لكلِّ خُلُق رَضِيَهُ في دين ودُنيا، وخيرهم نسبًا ودارًا.
صلَّى الله على نبينا كلَّما ذكره الذاكرون، وغَفَلَ عن ذكره الغافلون، وصلَّى عليه في الأولين والآخِرين، أفضلَ وأكثرَ وأزكَى ما صلَّى على أحد من خلقه، وجزاه الله عنّا أفضلَ ما جَزَى مُرْسلًا عَنْ مَنْ أُرْسِلَ إليه، فإنه أنقذَنا به من الهَلَكَةِ، وجعلنا في خير أمة أُخرجت
المقدمة / 1