247

Majmaʿ al-bayān fī tafsīr al-Qurʾān - al-juzʾ 1

مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1

Genres

Tafsīr

(1) - يخلو من أحد أمرين إما أن يكون الفعل معطوفا بالفاء على فعل قبله أو يكون خبر مبتدأ محذوف والفعل الذي قبله لا يخلو إما أن يكون كفروا من قوله «ولكن الشياطين كفروا» فيجوز أن يكون فيتعلمون معطوفا عليه لأن كفروا في موضع رفع بكونه خبر لكن فعطف عليه بالمرفوع وهو قول سيبويه فأما يعلمون فيجوز أن تكون في موضع نصب على الحال من كفروا أي كفروا في حال تعليمهم ويجوز أن يكون بدلا من كفروا لأن تعليم الشياطين كفر في المعنى وإذا كان كذلك جاز البدل فيه إذا كان إياه في المعنى كما كان مضاعفة العذاب لما كان لقي الآثام في قوله ومن يفعل ذلك يلق أثاما ` يضاعف له العذاب جاز إبداله منه وإما أن يكون الفعل الذي عطف عليه يتعلمون قوله «يعلمون» وهو قول الفراء وأنكر الزجاج هذا القول قال لأن قوله «منهما» دليل على التعلم من الملكين خاصة قال أبو علي فهذا يدخل على قول سيبويه أيضا كما يدخل على قول الفراء لأنهما جميعا قالا بعطفه على فعل الشياطين قال وهذا الاعتراض ساقط من جهتين إحداهما أن التعلم وإن كان من الملكين خاصة فلا يمتنع أن يكون قوله «فيتعلمون» عطف على كفروا وعلى يعلمون وإن كان متعلقا بهما وكان الضمير في منهما راجعا إلى الملكين فإن قلت كيف يجوز هذا وهل يسوغ أن يقدر هذا التقدير ويلزمك أن يكون النظم ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر فيتعلمون منهما فتضمر الملكين قبل ذكرهما والإضمار قبل الذكر غير جائز وإن لزمك في هذا القول الإضمار قبل الذكر وكان ذلك غير جائز لزم أن لا تجيز العطف على واحد من الفعلين اللذين هما كفروا ويعلمون بل تعطفه على فعل مذكور بعد ذكر الملكين كما ذهب إليه أبو إسحاق الزجاج فإنه عطف على ما يوجبه معنى الكلام عند قوله «فلا تكفر» أي فيأبون فيتعلمون أو على يعلمان من قوله «ما يعلمان من أحد» لأنهما فعلان مذكوران بعد الملكين فالجواب أما النظم فإنه على ما ذكرته وهو صحيح وأما الإضمار قبل الذكر فإن منهما في قوله «فيتعلمون منهما» إذا كان ضميرا عائدا إلى الملكين فإن إضمارهما بعد تقدم ذكرهما وذلك سائغ ونظيره قوله تعالى وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات لما تقدم ذكره أضمر اسمه ولو قال ابتلى ربه إبراهيم لم يجز لكونه إضمار قبل الذكر وهذا بين جدا فالاعتراض بذلك على سيبويه والفراء ساقط وأما الجهة الأخرى التي يسقط منها ذلك فهي أنه قد قيل في قوله تعالى «وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر» ثلاثة أقوال يأتي شرحها في المعنى قولان منها تعلم السحر فيهما من الملكين وقول منها تعلمه من الشياطين فيكون نظم الكلام على هذا ولكن الشياطين هاروت وماروت كفروا يعلمون الناس السحر فيتعلمون منهما «وما أنزل على الملكين ببابل » أي لم ينزل «وما

Page 333