Tafsir Majmac Bayan
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
(1) - العصا كان ينبجس ثم يكثر حتى يصير انفجارو قيل كان ينبجس عند الحاجة وينفجر عند الحاجة وقيل كان ينبجس عند الحمل وينفجر عند الوضع وقوله «قد علم كل أناس مشربهم» أي قد علم كل سبط وفريق منهم موضع شربهم وقوله «كلوا واشربوا» أي وقلنا لهم كلوا واشربوا وهذا كلام مبتدأ وقوله «من رزق الله» أي كلوا من النعم التي من الله بها عليكم من المن والسلوى وغير ذلك واشربوا من الماء فهذا كله من رزق الله الذي يأتيكم بلا مشقة ولا مئونة ولا تبعة فإن الرزق ما للمرزوق أن ينتفع به وليس لأحد منعه منه وقوله «ولا تعثوا» أي لا تسعوا في الأرض فسادا وإنما قال «لا تعثوا في الأرض مفسدين» وإن كان العثي لا يكون إلا فسادا لأنه يجوز أن يكون فعل ظاهره الفساد وباطنه المصلحة فبين أن فعلهم هو العيث الذي هو الفساد ظاهرا وباطنا ومتى سئل فقيل كيف يجتمع ذاك الماء الكثير في ذلك الحجر الصغير وهل يمكن ذلك فالجواب أن ذلك من آيات الله الباهرة والأعاجيب الظاهرة الدالة على أنها من فعل الله تعالى المنشئ للأشياء القادر على ما يشاء الذي تذل له الصعاب ويتسبب له الأسباب فلا بدع من كمال قدرته وجلال عزته أن يبدع خلق المياه الكثيرة ابتداء معجزة لموسى ونعمة عليه وعلى قومه ومن استبعد ذلك من الملاحدة الذين ما قدروا الله حق قدره ولم يعرفوه حقيقة معرفته فالكلام عليهم إنما يكون في وجود الصانع وإثبات صفاته واتساع مقدوراته ولا معنى للتشاغل بالكلام معهم في الفرع مع خلافهم في الأصل.
Page 251