Tafsir Majmac Bayan
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
(1) - يجوز أن يكونوا آخر كافر لأن المقصود النهي عن الكفر على كل حال وخص أولا بالذكر لما ذكرناه من عظم موقعه كما قال الشاعر
من أناس ليس في أخلاقهم # عاجل الفحش ولا سوء الجزع
وليس يريد أن فيهم فحشا آجلا وقوله «ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا» @HAD@ روي عن أبي جعفر ع في هذه الآية قال كان حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف وآخرون من اليهود لهم مأكلة على اليهود في كل سنة فكرهوا بطلانها بأمر النبي ص فحرفوا لذلك آيات من التوراة فيها صفته وذكره فذلك الثمن الذي أريد في الآية
الثمن في قوله «وشروه بثمن بخس دراهم معدودة» لأن العروض كلها أنت مخير فيها إن شئت قلت اشتريت الثوب بكساء وإن شئت قلت اشتريت بالثوب كساء أيهما جعلت ثمنا لصاحبه جاز فإذا جئت إلى الدراهم والدنانير وضعت الباء في الثمن كقوله «وشروه بثمن بخس دراهم» لأن الدراهم ثمن أبدا والمعنى لا تستبدلوا بآياتي أي بما في التوراة من بيان صفة محمد ونعته ثمنا قليلا أي عرضا يسيرا من الدنيا «وإياي فاتقون» فاخشوني في أمر محمد ص لا ما يفوتكم من المأكل والرئاسة وتقييده الثمن بالقلة لا يدل على أنه إذا كان كثيرا يجوز شراؤه به لأن المقصود أن أي شيء باعوا به آيات الله كان قليلا وأنه لا يجوز أن يكون ثمن يساويه كقوله «ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به» وإنما أراد بذلك نفي البرهان عنه على كل حال وأنه لا يجوز أن يكون عليه برهان ومثله قوله «ويقتلون النبيين بغير حق» وإنما أراد أن قتلهم لا يكون إلا بغير حق ونظائر ذلك كثيرة ومنه قول امرئ القيس :
على لأحب لا يهتدى بمنارة # إذا سافه العود الديافي جرجرا
وإنما أراد أنه لا منار هناك فيهتدي به وفي هذه الآية دلالة على تحريم أخذ الرشى في الدين لأنه لا يخلو إما أن يكون أمرا يجب إظهاره أو يحرم إظهاره فالأخذ على مخالفة كلا الوجهين حرام وهذا الخطاب يتوجه أيضا على علماء السوء من هذه الأمة إذا اختاروا الدنيا على الدين فتدخل فيه الشهادات والقضايا والفتاوى وغير ذلك.
Page 210