Tafsir Kabir

Tabarani d. 360 AH
91

Tafsir Kabir

التفسير الكبير

Genres

قوله تعالى: { ولبئس ما شروا به أنفسهم }؛ أي باعو به أنفسهم؛ حيث اختاروا السحر والكفر على الدين والحق. وقيل: لبئس ما باع المستعملون السحر به أنفسهم بعقوبة الآخرة، { لو كانوا يعلمون }.

وذهب جماعة إلى أن قوله: { مآ أنزل على الملكين } عطف على { وما كفر سليمان } في معنى النفي، كأنه قال: لم ينزل على الملكين ولكن الشياطين هاروت وماروت وأتباعهما يعلمان الناس السحر. والغرض من هذه الآية أن بهت اليهود وكذبهم؛ حملهم على أخذ السحر من الشياطين، وادعوا أنهم أخذوه من سليمان، وأن ذلك اسم الله الأعظم ليكتسبوا به.

[2.103]

قوله تعالى: { ولو أنهم آمنوا واتقوا }؛ أي لو أن اليهود آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن واتقوا اليهودية والسحر، { لمثوبة من عند الله خير }؛ أي لكان ثواب الله خيرا لهم من كسبهم بالكفر والسحر. { لو كانوا يعلمون }.

[2.104]

قوله تعالى: { ياأيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا }؛ وذلك أن المسلمين كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: راعنا يا رسول الله، وارعنا سمعك، يعنون من المراعاة؛ وكانت هذه اللفظة شيئا قبيحا باليهودية. قيل: معناها عندهم اسمع لا سمعت؛ فلما سمعها اليهود اغتنموها؛ وقالوا فيما بينهم: كنا نسب محمدا سرا فأعلنوا له الآن بالشتم، وكانوا يأتونه ويقولون: راعنا يا محمد؛ ويضحكون فيما بينهم. فسمعها سعد بن معاذ رضي الله عنه ففطن لها؛ وكان يعرف لغتهم، فقال لليهود: عليكم لعنة الله، والذي نفسي بيده يا معشر اليهود لئن نسمعها من رجل منكم يقولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأضربن عنقه. قالوا: أولستم تقولونها؟! فأنزل الله هذه الآية: { يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا } لكيلا تجد اليهود سبيلا إلى سب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقيل معناها: { ياأيها الذين آمنوا لا تقولوا } للنبي صلى الله عليه وسلم { راعنا } أي اسمع إلينا نستمع إليك. وقيل: إن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إسمع إلى كلامنا حتى نسمع إلى كلامك؛ فنهى الله عنه؛ إذ لا يجوز لأحد أن يخاطب أحدا من الأنبياء إلا على وجه التوقير والإعظام.

قوله تعالى: { وقولوا انظرنا }؛ يحتمل أن يكون من النظر الذي هو الرؤية، ويحتمل أن يكون انظرنا حتى تبين لنا ما تعلمنا. وقال مجاهد: (معناه فهمنا) وقال بعضهم: معناه بين لنا. وقوله تعالى: { واسمعوا }؛ أي اسمعوا ما تؤمرون به. والمراد أطيعوا. وقوله تعالى: { وللكافرين عذاب أليم }؛ تفسيره قد تقدم.

[2.105]

قوله تعالى: { ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير }؛ أي ما يتمنى الذين كفروا من يهود المدينة ونصارى نجران ولا مشركي العرب عبدة الأوثان أن ينزل عليكم أيها المؤمنون من خير، { من ربكم } ، من الوحي وشرائع الإسلام. قوله تعالى: { ولا المشركين } مجرور في اللفظ بالنسق على (من)، مرفوع في المعنى بفعله، كقوله:

Unknown page