وقوله تعالى: { فلما جآءهم ما عرفوا }؛ أي فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم وعرفوه بصفته في كتابهم ولم يكن منهم، { كفروا به }؛ وغيروا صفته بغيا وحسدا لما بعث من غير بني إسرائيل مخافة زوال رئاستهم، { فلعنة الله على الكافرين }.
[2.90]
قوله تعالى: { بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا } ، أي بئسما باعوا به أنفسهم من الهدايا بكتمان صفة محمد صلى الله عليه وسلم أنهم اختاروا الدنيا على الآخرة؛ باعوا أنفسهم بأن يكفروا، { بمآ أنزل الله }؛ يعني القرآن حسدا منهم للنبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: معناه: بئس الذي اختاروا لأنفسهم حتى استبدلوا الباطل بالحق؛ والكفر بالإيمان. وقوله تعالى: { بغيا }؛ أصل البغي: الفساد، يقال: بغى الجرح إذا أفسد. ومعنى قولنا: بغيا؛ أي البغي.
وقوله تعالى: { أن ينزل الله من فضله على من يشآء من عباده }؛ يعني الكتاب والنبوة على محمد صلى الله عليه وسلم. قوله تعالى: { فبآءو بغضب على غضب } ، قال قتادة: (الغضب الأول: حين كفروا بعيسى والإنجيل، والثاني: حين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن؛ واستوجبوا اللعنة على إثر اللعنة). وقال السدي: (الغضب الأول: بعبادتهم العجل؛ والثاني: كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتبديل صفته).
قوله تعالى: { وللكافرين عذاب مهين }؛ أي وللجاحدين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم من الناس كلهم عذاب مهين؛ يهانون فيه فلا يعزون.
[2.91]
قوله تعالى: { وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله }؛ أي إذا قيل ليهود المدينة: صدقوا بالقرآن؛ { قالوا نؤمن بمآ أنزل علينا }؛ يعنون التوراة، { ويكفرون بما ورآءه }؛ أي ويجحدون بما سوى الذي أنزل عليهم كقوله تعالى:
فمن ابتغى ورآء ذلك
[المؤمنون: 7] أي سواه. وقوله تعالى: { وهو الحق }؛ يعني القرآن، { مصدقا لما معهم }؛ أي موافقا للتوراة وسائر الكتب. ونصب { مصدقا } على الحال.
وقوله تعالى: { قل فلم تقتلون أنبيآء الله }؛ أي قل لهم يا محمد: إن كنتم تصدقون التوراة فلم تقتلون أنبياء الله، { من قبل }؛ وليس فيما أنزل عليكم قتل الأنبياء، قوله تعالى: { إن كنتم مؤمنين }؛ أي فلم تقتلون أنبياء الله إن كنتم مؤمنين بالتوراة وقد نهيتم فيها عن قتلهم. وقوله (لم) أصله (لما) فحذفت الألف فرقا بين الخبر والاستفهام؛ كقوله (فيم) و(بم) و(مم) و(علام) و(حتى م).
Unknown page