[النور: 31]، وقوله تعالى:
ءاثما أو كفورا
[الإنسان: 24]. وقرأ أبو حيوة: (أو أشد قساوة).
ثم عذر الله الحجارة وفضلها على القلب القاسي، فأخبر أن منها ما يكون فيه رطوبة؛ وأن منها لما يتردى من أعلى الجبل إلى أسفله مخافة الله عز وجل فقال تعالى: { وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار } ، وقرأ مالك بن دينار: (نتفجر) بالنون كقوله
فانفجرت
[البقرة: 60]. وفي مصحف أبي (منها الأنهار) رد الكناية إلى الحجارة. { وإن منها لما يشقق فيخرج منه المآء } ، قرأ الأعمش: (يتشقق).
وقوله تعالى: { وإن منها لما يهبط من خشية الله }؛ أي ينزل من أعلى الجبل إلى أسفله من خشية الله؛ وقلوبكم يا معشر اليهود لا تلين ولا تخشع ولا تأتي بخير. قيل: لا يهبط من الجبال حجر بغير سبب ظاهر إلا وهو مجعول فيه التمييز. قوله تعالى: { وما الله بغافل عما تعملون }؛ وعيد وتهديد؛ أي ما الله بتارك عقوبة ما تعملون؛ بل يجازيكم به.
[2.75]
قوله تعالى: { أفتطمعون أن يؤمنوا لكم }؛ خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: أفترجون أيها المؤمنون أن تصدقكم اليهود فيما آتاكم به نبيكم محمد، { وقد كان فريق }؛ أي طائفة، { منهم يسمعون كلام الله }؛ يعني التوراة، { ثم يحرفونه }؛ أي يغيرونه، { من بعد ما عقلوه }؛ أي من بعد فهموه وعلموه كما غيروا آية الرجم وصفة النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: { وهم يعلمون }؛ أي وهم يعلمون أنهم كاذبون، هذا قول مجاهد وعكرمة والسدي وقتادة.
وقال ابن عباس ومقاتل والكلبي: (نزلت هذه الآية في السبعين الذين اختارهم موسى لميقات ربه لما أخذتهم الرجفة وأحياهم الله تعالى بدعاء موسى؛ حين قالوا: يا موسى أسمعنا كلام الله؟ فطلب ذلك؛ فأجابه الله: مرهم أن يتطهروا ويطهروا ثيابهم ويصوموا؛ ففعلوا، ثم خرج بهم موسى حتى أتوا الطور؛ فلما غشيهم الغمام سمعوا صوتا كصوت الشبور؛ فسجدوا، فسمعوا كلام الله يقول: (إني أنا الله ربكم لا إله إلا أنا الحي القيوم، لا تعبدوا إلها غيري ولا تشركوا بي شيئا؛ وأوصيكم ببر الوالدين؛ وأن لا تحلفوني كاذبين؛ ولا تزنوا؛ ولا تسرقوا؛ ولا يقتل بعضكم بعضا؛ ولا يشهد بعضكم على بعض شهادة زور؛ وأطعموا المساكين؛ وصلوا القرابة؛ ولا تظلموا اليتيم؛ ولا تقهروا الضعيف). فلما سمعوا خرجت أرواحهم ثم ردت إليهم: فقالوا: يا موسى إنا لا نطيق أن نسمع كلام الله عز وجل يقول في آخر كلامه: (إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا، وإن شئتم فلا تفعلوا، ولا بأس). والمعنى بهذه الآية تقر به الصحابة في أن اليهود إن كذبوا النبي فلهم سابقة في الكفر والتحريف.
Unknown page