254

Tafsir Kabir

التفسير الكبير

Genres

[2.235]

قوله عز وجل: { ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النسآء أو أكننتم في أنفسكم }؛ الآية، قال ابن عباس: (التعريض: هو أن يقول الرجل للمعتدة: إني أريد النكاح وأحب المرأة من صفتها كذا وكذا؛ فيصفها بالصفة التي هي عليها حتى تعلم رغبته فيها). وقيل: هو أن يقول لها: إنك لتعجبينني وأرجو أن يجمع الله بيني وبينك، أو يقول: يا ليت لي مثلك وإن قضى الله أمرا كان.

ومعنى الآية: { ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النسآء } اللواتي هن في عدة موت أو طلاق بائن أو ثلاث، قوله عز وجل: { أو أكننتم في أنفسكم } معناه: أو أضمرتم في قلوبكم العزم على النكاح.

قوله تعالى: { علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا }؛ أي { علم الله أنكم ستذكرونهن } في العدة لرغبتكم فيهن وخوفكم لسبق غيركم إليهن، { ولكن لا تواعدوهن سرا } أي لا يواعدها الخاطب في السر ولا يواثقها؛ أي أن لا يتزوج غيرها. وقيل: لا يواعدها في السر تصريحا. وقيل: المراد بالسر الجماع؛ لأنه لا يكون إلا في السر، كأنه يقول: لا يتعب الخاطب نفسه لها لرغبتها في نفسه.

قوله عز وجل: { إلا أن تقولوا قولا معروفا }؛ أي إلا أن يعرضوا بالخطبة كناية من غير إفصاح. قوله عز وجل: { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله }؛ أي لا تعزموا على عقد النكاح، حذف (على) للتخفيف كما يقال: ضربت فلانا ظهره وبطنه؛ أي على ظهره وعلى بطنه. ومعنى: { حتى يبلغ الكتاب أجله } أي حتى يبلغ فرض المطلقات أجله؛ أي حتى تنقضي العدة؛ فإن العدة فرض القرآن.

قوله تعالى: { واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه }؛ أي يعلم ما في قلوبكم من الوفاء وغير ذلك فاحذروا أن تخالفوه فيما أمركم ونهاكم. قوله تعالى: { واعلموا أن الله غفور حليم }؛ أي { غفور } لمخالفتكم إن تبتم، { حليم } حين لم يعجل عليكم بالعقوبة.

والتعريض في اللغة: هو الإيماء والتلويح والدلالة على الشيء من غير كشف ولا تبيين، نحو أن يقول الرجل لغيره: ما أقبح البخل! يعرضه لذلك، والخطبة بكسر الخاء: هي الكلام الذي يستدعي به إلى النكاح. والخطبة بالضم: هو الكلام المؤلف إما بموعظة أو دعاء إلى شيء.

والكناية: هي الدلالة على الشيء مع العدول عن الاسم عن الاسم الأخص إلى لفظ آخر يدل عليه، نحو أن يكني عن زيد فيقول لغيره: ما أبخل صديقك، وما أبخل الذي كنا عنده. والإكنان: هو الستر، يقال في كل شيء سترته أكننته؛ وفيما يصونه كنية. قال الله تعالى:

كأنهن بيض مكنون

[الصافات: 49] أي مصون.

Unknown page