قوله عز وجل: { نسآؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم }؛ قال ابن عباس: (كانت اليهود يقولون: إنا لنجد في التوراة أن كل إتيان يؤتى النساء غير مستلقيات فإنه دنس عند الله؛ ومنه يكون الحول والخبل في الولد. فأكذبهم الله تعالى بهذه الآية).
وعن جابر بن عبدالله قال:
" كانت اليهود يقولون: من جامع امرأته ضحية من قفاها في قبلها كان ولدها أحولا!؟ فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: " كذبت اليهود "
فأنزل الله تعالى: { نسآؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم }.
وقال الحسن وقتادة ومقاتل والكلبي: (تذاكر المهاجرون والأنصار واليهود إتيان النساء؛ فقال المهاجرون: إنا نأتيهن باركات وقائمات ومستلقيات ومن بين أيديهن ومن خلفهن بعد أن يكون المأتى واحدا وهو الفرج. فقال اليهود: وما أنتم إلا كالبهائم؛ لكنا نأتيهم على هيئة واحدة، وإنا لنجد في التوراة أن كل إتيان يؤتى النساء غير مستلقيات فإنه دنس عند الله، ومنه يكون الحول والخبل. فذكر ذلك المسلمون لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله، إنا كنا في جاهليتنا وبعدما أسلمنا نأتي النساء كيف شئنا؛ وإن اليهود عابت ذلك علينا؛ وزعمت أنا كذا وكذا؟ فأكذب الله تعالى اليهود؛ ورخص للمسلمين في ذلك فقال: { نسآؤكم حرث لكم }.
وعن ابن عباس قال: (كان هذا الحي من الأنصار مع هذا الحي من اليهود وهم أهل الكتاب؛ فكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم؛ وكانوا يقتدون بكثير من فعلهم؛ وكان من شأن اليهود أن لا يأتوا النساء إلا على حرف واحد، وذلك أشد ما يكون على المرأة. وكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا ذلك من فعلهم. وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات؛ فلما قدم المهاجرون إلى المدينة، تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار، فذهب يصنع بها كذلك، فأنكرت عليه! وقالت: إنما كنا نؤتى على حرف، فإن شئت فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني حتى شري أمرهما. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: { نسآؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } مقبلات ومدبرات ومستلقيات). والمعنى: { نسآؤكم حرث لكم } أي مزدرع لكم للولد.
وقال الزجاج: (معناه: نساؤكم ذوات حرث لكم؛ فبين كيف يحرثون للولد واللذة) أي { فأتوا حرثكم } كيف { شئتم } وحيث شئتم ومتى شئتم بعد أن يكون في موضع واحد وهو الفرج. قال أبو عبيد: (سميت المرأة حرثا على وجه الكناية؛ فإنها للولد كالأرض للزرع). وفي الآية دليل على تحريم الوطئ في الدبر؛ لأنه موضع الفرث لا موضع الحرث؛ وإنما قال الله تعالى: { نسآؤكم حرث لكم } وهذا من لطف كنايات القرآن.
وقال أهل المعاني: معنى الآية: نساؤكم كحرث لكم، كقوله تعالى:
حتى إذا جعله نارا
[الكهف: 96] أي كنار؛ والعرب تسمي النساء حرثا؛ قال الشاعر:
Unknown page