170

Tafsir Kabir

التفسير الكبير

Genres

وقال بعضهم: إن للدعاء آدابا وشرائط هي أسباب الإجابة ونيل الأمنية، فمن راعاها واستكملها كان من أهل الإجابة، ومن أغفلها وأخل بها فهو من أهل الاعتداء في الدعاء. وقيل: ما من أحد يدعو الله تعالى على ما توجبه الحكمة إلا وهو يجيب دعاءه. والدعاء على شرط الحكمة أن يقول: اللهم افعل لي كذا، أو كذا إن لم يكن مفسدة في ديني وفيما يرضيك عني.

ويحكى أن إبراهيم بن أدهم رحمه الله قيل له: ما بالنا ندعو الله عز وجل فلا يستجيب لنا؟ فقال: (لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه؛ وعرفتم رسوله فلم تتبعوه؛ وعرفتم القرآن فلم تعملوا به؛ وأكلتم نعمة الله فلم تؤدوا شكرها ؛ وعرفتم الجنة فلم تطلبوها؛ وعرفتم النار فلم تهربوا منها؛ وعرفتم الشيطان فوافقتموه؛ وعرفتم الموت فلم تستعدوا له؛ ودفنتم الأموات فلم تعتبروا بهم؛ وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس).

قوله عز وجل: { فليستجيبوا لي }؛ أي فليجيبوا لي بالطاعة؛ يقال: أجاب واستجاب بمعنى. قال الشاعر:

وداع دعاء من يجيب إلى النداء

فلم يستجبه عند ذاك مجيب

وقال رجاء الخرساني: (معناه فليدعوني). والإجابة من الله تعالى الإعطاء؛ ومن العبد الطاعة. وفي بعض التفاسير: الاستجابة أن تقول في بعض صلاتك: لبيك اللهم لبيك... إلى آخر التلبية.

وقوله تعالى: { وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }؛ الإيمان أن تقول: آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت؛ وعدك حق؛ ولقاؤك حق؛ وأشهد أنك واحد فرد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد؛ وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها؛ وأنك تبعث من في القبور.

قال ابن عباس: (ما تركت هذه الكلمات بعد صلاة بعدما نزلت هذه الآية). قال الكلبي: (ما تركتها منذ أربعين سنة). فعلى هذا معنى الاستجابة: الإجابة بالطاعة والانقياد في كل ما ألزمه؛ وقوله: { لعلهم يرشدون } أي ليكونوا على رجاء الرشد في مصالح الدنيا والآخرة.

[2.187]

قوله عز وجل: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسآئكم }؛ قال المفسرون: كان الرجل في ابتداء الأمر إذا أفطر أحل له الطعام والشراب والجماع إلى أن يصلي العشاء الأخيرة أو ترقد قبلها، فإذا صلى العشاء ورقد قبل الصلاة ولم يفطر، حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى مثلها من القابلة. ثم

Unknown page