[آل عمران: 110] أي أنتم؛ إلا لنرى ونميز من يتبع الرسول في القبلة ممن ينقلب على عقبيه فيرتد ويرجع إلى قبلته الأولى. قوله: { لنعلم } أي ليتقرر علمنا عندكم. وقيل: معناه: ليعلم محمد صلى الله عليه وسلم؛ فأضاف علمه إلى نفسه تفصيلا وتخصيصا كقوله تعالى:
إن الذين يؤذون الله
[الأحزاب: 57].
قوله تعالى: { وإن كانت لكبيرة }؛ أي وإن كان اتباع بيت المقدس ثم الانتقال إلى الكعبة لشديد؛ { إلا على الذين هدى الله }؛ أي حفظ الله قلوبهم على الإسلام. قوله تعالى: { وما كان الله ليضيع إيمانكم }؛ أي تصديقكم بالقبلتين. وقيل: معناه: وما كان الله ليفسد صلاتكم إلى بيت المقدس؛ وذلك أن حيي ابن أخطب وأصحابه من اليهود قالوا للمسلمين: أخبرونا عن صلاتكم إلى بيت المقدس أكانت هدى أم ضلالة؟ فإن كانت هدى فقد تحولتم عنها! وإن كانت ضلالة فقد ذنبتم الله بها. ومن مات منكم عليها فقد مات على الضلالة؛ وكان قد مات قبل التحويل إلى الكعبة سعد بن زرارة من بني النجار؛ والبراء بن معرور من بني سلمة ورجال آخرون.
فانطلقت عشائرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بذلك، وقالوا: إن الله تعالى قد حولك إلى قبلة إبراهيم؛ فكيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله تعالى: { وما كان الله ليضيع إيمانكم } أي صلاتكم إلى بيت المقدس.
قوله تعالى: { إن الله بالناس لرءوف رحيم } ، الرءوف: شديد الرحمة؛ وهو الذي لا يضيع عنده عمل عامل. رحيم بهم حين قبل طاعتهم وتعبدهم في كل وقت بما يصلح لهم. والجمع بين الرحمة والرأفة في الآية للتأكيد كما في قوله:
الرحمن الرحيم
[الفاتحة: 3].
وفي (رءوف) ثلاث قراءات: مهموز مثقل؛ وهي قراءة شيبة ونافع وابن كثير وابن عامر وحفص، واختاره أبو حاتم. قال الشاعر:
سنطيع رسولنا ونطيع رباه
Unknown page