Tafsir Kabir

Tabarani d. 360 AH
109

Tafsir Kabir

التفسير الكبير

Genres

وقصة ذلك: ما روي عن ابن عباس: [لما أتى إبراهيم عليه السلام بابنه إسماعيل وأمه هاجر؛ فوضعهما بمكة، ومضى مدة، وتزوج إسماعيل امرأة من الجرهميين، استأذن إبراهيم سارة أن يأتي هاجر، فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل. فقدم إبراهيم وقد ماتت هاجر، فقال لامرأة إسماعيل: أين صاحبك؟ قالت: ليس هو ها هنا، ذهب يتصيد. وكان إسماعيل يخرج من الحرم فيصطاد، فقال لها إبراهيم: هل عندك من ضيافة من طعام أو شراب؟ قالت: لا!! فقال لها: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: فليغير عتبة بابه؛ فذهب. وجاء إسماعيل فوجد ريح أبيه، فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ قالت: جاءني شيخ صفته كذا وكذا، كالمستخفة بشأنه. قال: فما قال لك؟ قالت: قال: أقرئي زوجك السلام وقولي له: يغير عتبة بابه، فطلقها وتزوج أخرى.

فلبث إبراهيم ما شاء الله، ثم استأذن سارة في زيارة إسماعيل، فأذنت له، واشترطت عليه أن لا ينزل. فجاء، فقال: لامرأة إسماعيل: أين ذهب صاحبك؟ قالت: يتصيد وهو يجيء الآن إن شاء الله؛ فانزل يرحمك الله. قال: هل عندك ضيافة؟ قالت: نعم، فجاءت باللبن واللحم فدعا فيها بالبركة. ولو جاءت يومئذ بخبز بر أو شعير أو تمر لكانت أكثر أرض الله برا أو شعيرا أو تمرا. فقالت له: إنزل حتى أغسل رأسك. فلم ينزل، فجاءته بالمقام فوضعته في شقه الأيمن فوضع قدميه عليه، فبقي أثر قدميه عليه، فغسلت رأسه الأيمن، ثم حولت المقام إلى شقه الأيسر فغسلته، وبقي أثر قدميه عليه. فقال: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: قد استقامت عتبة بابك. فلما جاء إسماعيل فوجد ريح أبيه، فقال: لامرأته: هل جاءك أحد؟ قالت: نعم، شيخ أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا. فقال: كذا، وقلت له: كذا، وغسلت رأسه وهذا موضع قدمه على المقام. قال: ذاك إبراهيم].

قال أنس بن مالك: (رأيت في المقام أثر أصابعه وعقبه وأخمص قدميه، غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم). وروي عن عبدالله بن عمر أنه قال: أشهد بالله ثلاث مرات سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

" الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما، ولولا أن الله طمس نورهما لأضاءا ما بين المشرق والمغرب ".

وقيل: مقام إبراهيم الحج كله: عرفة؛ والمزدلفة؛ والرمي. وقيل: الحرم كله؛ وقيل: الحجر الأسود المعروف الذي وضعته امرأة إسماعيل تحت قدميه فغابت رجليه فيه، وهذا من معجزات إبراهيم عليه السلام.

وقوله عز وجل: { وعهدنآ إلى إبراهيم وإسماعيل }؛ أي أمرناهما وأوصيناهما، { أن طهرا بيتي }؛ أي مسجدي؛ يعني الكعبة من الأوثان والنجاسات.

وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" إن الله أوحى إلي أن أنذر قومك أن لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب سليمة؛ وألسنة صادقة؛ وأيد نقية؛ وفروج طاهرة. ولا يدخلوا بيتا من بيوتي ولأحد عندهم مظلمة؛ فإني ألعنه ما دام قائما بين يدي يصلي حتى يرد تلك الظلامة إلى أهلها، فأكون سمعه الذي يسمع به؛ وبصره الذي يبصر به؛ ويكون من أوليائي وأصفيائي ".

وعن معاذ بن جبل؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" جنبوا مساجدكم صبيانكم؛ ومجانينكم؛ وسل سيوفكم؛ ورفع أصواتكم؛ وحدودكم؛ وخصومتكم؛ وبيعكم؛ وشراءكم. وجمروها يوم جمعكم؛ واجعلوا على أبوابها مطاهركم ".

Unknown page