Tafsir Jalinus Li Fusul Abuqrat
شرح جالينوس لفصول أبقراط بترجمة حنين بن إسحق
Genres
قال جالينوس: إن عادة أبقراط أن يقول شرب الشراب وهو يعني به PageVW6P033B شرب النبيذ. وقد قال في كتابه في طبيعة الإنسان (597) وتدبيره إنه «إذا عرض المرض الواحد لجميع الناس كافة شابهم وشيخهم وأناثهم وذكرهم وشاربهم للشراب (598) وشاربهم للماء فبين أن السبب فيه ليس هو غذاء كل واحد منهم وتدبيره». فدل بوصفه أن (599) شارب الماء وشارب (600) الشراب أنه إنما يعني بشارب الشراب شارب النبيذ فيجب أن يكون شرب الشراب إنما يعني به شرب النبيذ، وقال إن (601) ذلك يشقي (602) الجوع، ولم يعن (603) بالجوع في هذا الموضع كل حال يعدم فيها (604) البدن الغذاء كما ظن قوم. ولا عنى أيضا عدم الغذاء الذي تكون معه شهوة، وإنما عنى حال من يعرض له أن تكون شهوته شديدة دائمة لا تفتر وهي الشهوة التي يسميها قوم من الأطباء الشهوة الكلية. فإن شرب الشراب إنما يشقي هذا الجوع لا الجوع (605) الذي يكون إما من إمساك طويل المدة عن الطعام وإما من اختلاف وإما من استفراغ غيره عرض للإنسان. فأما من (606) كان جوعه من سبب من هذه الأسباب PageVW0P126B فإنه (607) يضره شرب الشراب أعظم المضرة فضلا عن أن تناله منه منفعة لأنه يصيبه منه (608) أن تناوله قبل الطعام التشنج واختلاف الذهن سريعا. فأما من كان جوعه إنما هو (609) آفة عرضت له فشفاؤه يكون بشرب النبيذ لا بالإكثار من الطعام. فقد شقيت (610) كثيرا ممن (611) أصابه جوع دائم لا يفتر بأن شقيته خمرا كثيرا من بعض الخمور التي لها إسخان قوي. فإن الخمر العفصة (612) لا تشفي هذا الجوع لأنها (613) لا تسخن، لكن ما (614) كان من الخمر (615) لونه اللون الأحمر الناصع أو اللون الأحمر القاني من غير قبض فهو من أبلغ الأشياء في شفاء من به الجوع الذي يسمى (616) الكلي. وينبغي عند مصيرهم (617) إلى تناول الطعام (618) أن يطعموا أولا أطعمة دسمة دهنية وما يأكلون (619) منه مما ليست (620) هذه حاله فينبغي أن يكثر في صنعته (621) من الذهن. ولا يكون في شيء منه عفوصة ولا قبض البتة. ثم يؤمرون من (622) بعد ذلك بشرب شيء من (623) الأنبذة التي وصفنا وإن كانوا لا (624) يعطشون بعد. فإن جوعهم في العاجل يسكن عند استعمال هذا التدبير. فإن الححنا عليه زمانا طويلا أقلع (625). وهذا عندي هو (626) أولى ما قيل إن أبقراط أراد أن يدل عليه في هذا الفصل. وذلك أنه لما كانت الشهوة الكلية إنما تكون إما من برد مزاج المعدة فقط وإما من كيموس حامض قد تشربه جرمها وكان النبيذ الذي قد وصفنا يشفي الأمرين جميعا، وجب أن يشفي الشهوة الكلية. فأما من ظن أن (627) أبقراط إنما عنى في هذا الموضع بالجوع العلة التي يسميها (628) اليونانيين بوليموس فقد بعد جدا عندي (629) عن فهم PageVW6P034A ما أراد أبقراط من وجوه أولها أنه جعل مكان كل شيء (630) عامي كل شيء جزئي خاصي (631) PageVW0P127A ووجه آخر أنه قد كذب. وذلك أن بوليموس إنما هو سقوط القوة من البرد العارض من خارج وأوله يكون جوعا ثم إذا استكمل لم يبق الجوع معه لكنه (632) يبطل.
22
[aphorism]
قال (633) أبقراط: ما كان من الأمراض (634) يحدث (635) من (636) الامتلاء فشفاؤه يكون بالاستفراغ، وما كان منها يحدث من الاستفراغ (637) فشفاؤه يكون بالامتلاء، وشفاء سائر الأمراض يكون بالمضادة.
[commentary]
Page 502