Tafsir Jalinus Li Fusul Abuqrat
شرح جالينوس لفصول أبقراط بترجمة حنين بن إسحق
Genres
قال جالينوس: (1) إن كان الأمر على هذا فكيف يتوهم أن ما قيل قبيل صواب من أن الربيع أصح الأوقات وأقلها موتا إذ كانت قد تحدث فيه هذه الأمراض الكثيرة جدا قد يخيل الربيع أنه دون الأوقات، (2) إذ يحدث فيه من الأمراض المختلفة ما يساوي منها في سائر جميع الأوقات، (3) لأن الجنون والوسواس السوداوي والصرع والذبحة من أمراض الخريف والزكام والبحوحة والسعال من أمراض الشتاء. (4) فأما الصيف فإن أبقراط نفسه يقول فيه بعد قليل فيدل على المشاركة التي فيما بينه وبين الربيع في الأمراض حيث يقول: (5) فأما في الصيف فقد يعرض بعض هذه الأمراض، يعني بذلك الأمراض التي تقدم PageVW2P042B ذكرها وقيل إنها تحدث في الربيع. (6) وقد تحدث في الربيع أمراض فضلا عن الأمراض التي تحدثها سائر الأوقات مخصوصة به، وهي انبعاث الدم والعلة التي يتقشر منها (670) الجلد والقوابي والبهق والبثور الكثيرة التي تتقرح والخراجات وأوجاع المفاصل، (7) إلا أن تكون الأوقات من قبل أن هذه الأمراض التي هي للربيع خاصة فكلها سليم لا خطر فيه ويبلغ من بعدها عن أن تشهد على تكذيب الفصل الذي قال فيه أبقراط إن الربيع أصح الأوقات وأقلها موتا أن تشهد على صحته أولا. (8) وذلك أن باطن البدن وعمقه ينقى في ذلك الوقت فتصير الأخلاط الرديئة من الأعضاء الشريفة الرئيسية إلى ناحية الجلد. (9) ومن قبل ذلك تحدث العلة التي يتقشر منها (671) الجلد والبهق والقوابي والبثور الكثيرة التي تتقرح. (10) وعلى طريف آخر ينقى باطن البدن وعمقه بحدوث الخراجات وأوجاع المفاصل، وذلك بانتقال الأخلاط الرديئة إلى الأغضاء الحسيسة. (11) ومن البين عند كل أحد أن انبعاث الدم باستفراغه الفضل الكثير من الأخلاط (672) يمنع من تولد الأعراض الحادثة عنها. (12) فإن ألقى الربيع البدن والأخلاط فيه معتدلة حفظه على أفضل صحته، ولم يحدث فيه من قبل طبيعته خاصة حدثا. (13) وليس كذلك الصيف والخريف والشتاء، (14) لأن كل واحد من هذه الأوقات وإن ألقى البدن وهو نقي لا يذم منه شيء فإن الصيف يولد فيه من المرار الأصفر بأكثر مما ينبغي والخريف يولد فيه من السوداء أكثر من المقدار القصد والشتاء يولد فيه من البلغم أكثر من المقدار المعتدل. (15) وما يعرض في الربيع شبيه بما تراه يحدث عند الرياضة. (16) فإن الرياضة أيضا من أصح ما يستعمل، إلا أنك إن استعملت الرياضة في بدن مملوء من البلغم أو من المرة الصفراء أو من المرة السوداء أو من الدم نفسه حدث على صاحبه إما الصرع وإما السكات بسبب تلك الرياضة. (17) فإن لم يحدث ذلك عليه فلن يؤمن عليه أن ينصدع منه عرق في الرئة فيقع معه في بلية لا تستقال. (18) وكثير من الناس قد تعتريهم من الرياضة حمى في غاية الحرة. (19) فأما من كانت عاقبة رياضته نقاء بدنه فإن تلك الرياضة إذا أخرجت تلك الفضول الرديئة إلى الجلد تحدث قروح وجرب. (20) ولذلك قال PageVW2P043A أبقراط إن من تعب وبدنه غير نقي ظهرت به قروح. (21) فحرارة الهواء المحيط بالبدن في الربيع تذيب الأخلاط فتخرجها إلى الجلد وفعله هذا شبيه بفعل الرياضة. (22) وليس فعل الرياضة فقط يشبه فعل الربيع لكن قد يشبه فعل الطبيعة نفسها. (23) فإن من أفعال الطبيعية أن يحدث التحلل الذي ينسب إلى الخفي في البدن كله الذي فيه تخرج الفضول وأن تنقي البدن بأنواع شتى من التنقية في الأمراض. (663)
21
[aphorism]
Page 619