180

Tafsīr Ibn Kathīr

تفسير ابن كثير

Editor

سامي بن محمد السلامة

Publisher

دار طيبة للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

1420 AH

Genres

Tafsīr
وَمَحْمَدَةً (١)، فَهُوَ حَمِيدٌ وَمَحْمُودٌ، وَالتَّحْمِيدُ أَبْلَغُ مِنَ الْحَمْدِ، وَالْحَمْدُ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ. وَقَالَ فِي الشُّكْرِ: هُوَ الثَّنَاءُ عَلَى الْمُحْسِنِ بِمَا أَوْلَاكَهُ مِنَ الْمَعْرُوفِ، يُقَالُ: شَكَرْتُهُ، وَشَكَرْتُ لَهُ. وَبِاللَّامِ أَفْصَحُ (٢) .
[وَأَمَّا الْمَدْحُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْحَمْدِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ لِلْحَيِّ وَلِلْمَيِّتِ وَلِلْجَمَادِ -أَيْضًا-كَمَا يُمْدَحُ الطَّعَامُ وَالْمَالُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَيَكُونُ قَبْلَ الْإِحْسَانِ وَبَعْدَهُ، وَعَلَى الصِّفَاتِ الْمُتَعَدِّيَةِ وَاللَّازِمَةِ أَيْضًا فَهُوَ أَعَمُّ] (٣) .
ذِكْرُ أَقْوَالِ السَّلَفِ فِي الْحَمْدِ
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﵄، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَلِمْنا سُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَا الْحَمْدُ لِلَّهِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةٌ رَضِيَهَا اللَّهُ لِنَفْسِهِ (٤) .
وَرَوَاهُ غَيْرُ أَبِي مَعْمَر، عَنْ حَفْصٍ، فَقَالَ: قال عمر لعلي، وأصحابه عنده: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا الْحَمْدُ لِلَّهِ؟ قَالَ (٥) عَلِيٌّ: كَلِمَةٌ أَحَبَّهَا [اللَّهُ] (٦) لِنَفْسِهِ، وَرَضِيَهَا لِنَفْسِهِ، وَأَحَبَّ أَنْ تُقَالَ (٧) .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَان، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَان، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كَلِمَةُ الشُّكْرِ، وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: شَكَرَنِي عَبْدِي. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَرَوَى -أَيْضًا-هُوَ وَابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ بِشْرِ بْنِ عِمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ هُوَ الشُّكْرُ لِلَّهِ وَالِاسْتِخْذَاءُ لَهُ، وَالْإِقْرَارُ لَهُ بِنِعَمِهِ وَهِدَايَتِهِ وَابْتِدَائِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَنَاءُ اللَّهِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رِدَاءُ الرَّحْمَنِ. وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِنَحْوِ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكوني، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "إِذَا

(١) في جـ، "حمدا ومجدته" وفي ط: "حمدا فهو حميد".
(٢) انظر: لسان العرب لابن منظور، مادة "حمد".
(٣) زيادة من جـ، ط، أ، و.
(٤) تفسير ابن أبي حاتم (١/١٤) .
(٥) في ط، ب: "فقال".
(٦) زيادة من جـ، ط.
(٧) رواه الأشج عن حفص، لكنه خالفه فيه، وصنيع الحافظ هنا يفيد أنه لا مخالفة قال ابن أبي حاتم في تفسيره (١/١٥): "كذا رواه أبو معمر القطيعي عن حفص، وحدثنا به الأشج فقال: ثنا حفص –وخالفه فيه- فقال فيه: قال عمر لعلي، ﵄، وأصحابه عنده: لا إله إلا الله، والحمد لله، والله أكبر قد عرفناها، فما سبحان الله؟ فقال علي: كلمة أحبها لنفسه، ورضيها لنفسه، وأحب أن تقال". وكلام الحافظ يفيد أنه لا مخالفة، فلعله اطلع عليه من رواية أخرى أو أنه سقط نظر، والله أعلم.

1 / 129