107

Tafsir Ibn Kathir

تفسير ابن كثير

Investigator

سامي بن محمد السلامة

Publisher

دار طيبة للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

1420 AH

وَجْبَةً مِنْ خَلْفِي، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ فَرَسِي تُطْلَقُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "اقْرَأْ أَبَا عَتِيكٍ" [مَرَّتَيْنِ] (١) قَالَ: فَالْتَفَتُّ إِلَى أَمْثَالِ الْمَصَابِيحِ مِلْءَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "اقْرَأْ أَبَا عَتِيكٍ". فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْضِيَ فَقَالَ: "تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ نَزَلَتْ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ مَضَيْتَ لَرَأَيْتَ الْأَعَاجِيبَ" " (٢) . وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةً إِذْ رَأَى دَابَّتَهُ تَرْكُضُ، أَوْ قَالَ: فَرَسَهُ يَرْكُضُ، فَنَظَرَ فَإِذَا مِثْلُ الضَّبَابَةِ أَوْ مِثْلُ الْغَمَامَةِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: " تِلْكَ السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ عَلَى الْقُرْآنِ " (٣) . وَقَدْ أَخْرَجَهُ صَاحِبَا الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ (٤) . وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ أُسَيْدُ بْنُ الحضير، ﵁، فَهَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِصِنَاعَةِ الْإِسْنَادِ، وَهَذَا مِنْ أَغْرَبِ تَعْلِيقَاتِ الْبُخَارِيِّ، ﵀، ثُمَّ سِيَاقٌ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ عَلَيْهِ مِنْ نُزُولِ السَّكِينَةِ وَالْمَلَائِكَةِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ. وَقَدِ اتَّفَقَ نَحْوُ هَذَا الَّذِي وَقَعَ لِأُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ عَمِّهِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ (٥) أَنَّ أَشْيَاخَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَدَّثُوهُ: أن رسول الله ﷺ قِيلَ لَهُ: أَلَمْ تَرَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ لَمْ تَزَلْ دَارُهُ الْبَارِحَةَ تُزْهِرُ مَصَابِيحَ؟ قَالَ: "فَلَعَلَّهُ قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ". قَالَ: فَسُئِلَ ثَابِتٌ فَقَالَ: قَرَأْتُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ (٦) . وَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ الصَّحِيحِ: " مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وحَفَّتْهم الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (٧) . وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ ﵎: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٧٨]، وَجَاءَ فِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَشْهَدُهُ. وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ﵁، قَالَ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، فَيَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: أَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وتركناهم وهم يصلون " (٨) .

(١) زيادة من ط. (٢) فضائل القرآن (ص٢٢٧) . (٣) مسند الطيالسي برقم (٧١٤) . (٤) صحيح البخاري برقم (٣٦١٤) وصحيح مسلم برقم (٧٩٥) . (٥) في ط، م: "يزيد". (٦) فضائل القرآن (ص ٢٧) . (٧) صحيح مسلم برقم (٢٦٩٩) . (٨) صحيح البخاري برقم (٥٥٥) وصحيح مسلم برقم (٦٣٢) .

1 / 56