53

Tafsir Ibn Atiyyah

تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

Investigator

عبد السلام عبد الشافي محمد

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ

Publisher Location

بيروت

Genres

باب القول في الاستعاذة قال الله ﷿: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ [النحل: ٩٨] . معناه: إذا أردت أن تقرأ وشرعت فأوقع الماضي موقع المستقبل لثبوته. وأجمع العلماء على أن قول القارئ: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ليس بآية من كتاب الله. وأجمعوا على استحسان ذلك والتزامه في كل قراءة في غير صلاة، واختلفوا في التعوذ في الصلاة، فابن سيرين، وإبراهيم النخعي، وقوم، يتعوذون في الصلاة في كل ركعة، ويمتثلون أمر الله بالاستعاذة على العموم في كل قراءة، وأبو حنيفة، والشافعي، يتعوذان في الركعة الأولى من الصلاة، ويريان أن قراءة الصلاة كلها كقراءة واحدة. ومالك ﵀ لا يرى التعوذ في الصلاة المفروضة، ويراه في قيام رمضان. ولم يحفظ عن النبي ﷺ أنه تعوذ في صلاة. وحكى الزهري عن الحسن أنه قال: «نزلت الآية في الصلاة، وندبنا إلى الاستعاذة في غير الصلاة وليس بفرض» . قال غيره: «كانت فرضا على النبي ﷺ وحده، ثم تأسينا به» . وأما لفظ الاستعاذة فالذي عليه جمهور الناس هو لفظ كتاب الله تعالى «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» . وروي عن ابن عباس أنه قال: «أول ما نزل جبريل على محمد ﷺ قال له: قل يا محمد: أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم قال: قل: بسم الله الرّحمن الرّحيم» . وروى سليمان بن سالم عن ابن القاسم ﵀: أن الاستعاذة «أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم بسم الله الرّحمن الرّحيم» . وأما المقرءون فأكثروا في هذا من تبديل الصفة في اسم الله تعالى وفي الجهة الأخرى كقول بعضهم: «أعوذ بالله المجيد من الشيطان المريد» . ونحو هذا مما لا أقول فيه نعمت البدعة ولا أقول إنه لا يجوز. ومعنى الاستعاذة: الاستجارة، والتحيز إلى الشيء على معنى الامتناع به من المكروه، والكلام على المكتوبة يجيء في بسم الله فذلك الموضع أولى به.

1 / 58