271

Tafsir Bayan Sacada

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

Genres

[5.84-85]

ويقولون { ما لنا لا نؤمن بالله } بعد معرفة الحق وطلبه { وما جآءنا من الحق } وقد كنا طالبين له ووجدناه { و } الحال انا { نطمع أن يدخلنا ربنا } جنته او محضره { مع القوم الصالحين فأثابهم الله بما قالوا } بلسان القال والحال او بلسان القال قرينا بالاعتقاد فانه عبادة لسانية وكمال الايمان باقرار اللسان منبئا عن الجنان { جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزآء المحسنين } وقد نقل ان نزول الآية فى النجاشى وبكائه حين قرأ جعفر بن أبى طالب (ع) وقت هجرته الى الحبشة عليه آيا من القرآن.

[5.86]

عطف باعبتار المعنى كأنه قال فالذين آمنوا وصدقوا بآياتنا اولئك اصحاب الجنة والذين كفروا الى آخرها وهو لبيان حال منافقى الامة او للتعريض بهم فان عليا (ع) اعظم الآيات.

[5.87]

{ يأيها الذين آمنوا } بالبيعة الخاصة الولوية على ان يكون النظر الى من نزلت فيه، فانهم كانوا ثلاثة منهم امير المؤمنين (ع) ولا يكون مرافقة على (ع) فى الارتياض الا لمن كان مثله داخلا فى قلبه الايمان سالكا الى الله رفيقا له فى الطريق، او بالبيعة العامة النبوية على ان يكون النظر الى التعميم وان كان النزول خاصا لان النهى عام للمسلمين { لا تحرموا } على انفسكم { طيبات مآ أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين } اعلم، ان الانسان ذو مراتب عديدة بعضها فوق بعض الى ما لا نهاية له، والتكاليف الآلهية الورادة عليه ليست لمرتبة خاصة منه بل كما عرفت سابقا للمفاهيم الواردة فى التكاليف مصاديق متعددة بتعدد مراتب الانسان بعضها فوق بعض، فكلما ورد فى الشريعة المطهرة من الالفاظ فهى مقصودة من حيث مفاهيمها العامة باعتبار جميع مصاديقها بحيث لا يشذ عنها مصداق من المصاديق فالانسان بحسب مرتبته النباتية له محللات آلهية، وبحسب مرتبته الحيوانية اخرى، وبحسب الصدر اخرى، وبحسب القلب اخرى، وبحسب الروح اخرى، والتحريم الآلهى فى كل مرتبة بحسبه، وكذا تحريم الانسان على نفسه فالمحللات بحسب مرتبته الحيوانية والنباتية ما اباح الله له من المأكول والمشروب والملبوس والمركوب والمنكوح والمسكن والمنظور، وبحسب الصدر ما اباح الله له من الافعال الارادية والاعمال الشرعية والتدبيرات المعادية والمعاشية والاخلاق الجميلة والمكاشفات الصورية، وبحسب القلب ما اباح الله له من الاعمال القلبية والواردات الآلهية والعلوم اللدنية والمشاهدات المعنوية الكلية، وهكذا فى سائر المراتب، والطيبات من ذلك فى كل مرتبة ما تستلذه المدارك المختصة بتلك المرتبة، ومطلق المباح فى كل مرتبة طيب بالنسبة الى مباح المرتبة الدانية منه، وان الله تعالى يحب ان يؤخذ برخصه كما يحب ان يؤخذ بعزائمه، ولا يحب الشره والاعتداء فى رخصه بحيث يؤدى الى الانتقال الى ما هو حرام محظور باصل الشرع، او بحيث يؤدى الى صيرورة المباح حراما بعرض التجاوز عن حد الترخيص بالاكثار فيه كما لا يحب الامتناع عن رخصه، فمعنى الآية يا ايها الذين آمنوا لا تمتنعوا من الرخص ولا تحرموا بقسم وشبهة ولا بكسل ونحوه على انفسكم ما تستلذه المدارك بحسب كل مرتبة وقوة مما اباحه الله لكم، لان الله يحب ان يرى عبده مستلذا بما اباحه له كما يحب ان يراه مستلذا بعباداته ومناجاته، ولا تمتنعوا بالاكتفاء بمستلذات المرتبة الدانية عن مستلذات المرتبة العالية، فانه يحب ان يرى عبده مصرا على طلب مستلذات المرتبة العالية كما يحب ان يراه فى هذه الحالة معرضا عن مباحات المرتبة الدانية مكتفيا بضرورياتها وراجحاتها، ولا تعتدوا عما اباح الله الى ما حظره او فى المباح الى حد الحظر، والآية اشارة الى التوسط بين التفريط والافراط فى كل الامور من الافعال والطاعات والاخلاق والعقائد والسير الى الله فان المطلوب من السائر الى الله ان يكون واقعا بين افراط الجذب وتفريط السلوك.

[5.88]

{ وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا } فى كل مرتبة { واتقوا الله } فى الاعتداء عن حد الرخصة الى مرتبة الحظر على ان يكون الفقرتان مطابقتين للفقرتين السابقتين او فى الاعتداء وفى تحريم رخصه على ان يكون متعلق التقوى اعم من التحريم والاعتداء { الذي أنتم به مؤمنون } توصيفه تعالى بهذا الوصف للتهييج.

حكاية على (ع) وبلال وعثمان بن مظعون عند قوله كلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا

روى عن الصادق (ع) أن هذه الآية نزلت فى مولانا امير المؤمنين (ع) وبلال وعثمان بن مظعون، فاما امير المؤمنين (ع) فحلف ان لا ينام بالليل، واما بلال فانه حلف ان لا يفطر بالنهار ابدا، ونقل انه حلف ان لا يناجى ربه، واما عثمان بن مظعون فانه حلف ان لا ينكح ابدا، ومضى عليه مدة على ما نقل فدخلت امرأة عثمان على عائشة وكانت امرأة جميلة فقالت عائشة: ما لى اراك متعطلة؟ فقالت: ولم اتزين؟! فوالله ما قربنى زوجى منذ كذا وكذا، فانه قد ترهب ولبس المسوح وزهد فى الدنيا، فلما دخل رسول الله (ص) اخبرته عائشة بذلك، فخرج فنادى الصلوة جماعة فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال:

Unknown page