230

Tafsir Bayan Sacada

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

Genres

[فاطر:32] لان الظالمين لانفسهم هنا محكوم عليهم بالجحيم وهناك بالجنة، فالمراد بظالمى انفسهم ههنا من لزم دار شركه ولم يخرج من بيت شركه الى الله ورسوله، وهناك من خرج من بيت شركه الى الله ورسوله ولكن وقف ولم يهاجر فى سبيل الله، فانه محكوم عليه بالقعود عن الجهاد وعن الهجرة. وبعبارة أخرى الظالم ههنا فى العالم الصغير من لزم بيت نفسه الامارة ولم يخرج منه الى مدينة صدره ليصل الى الرسول وقبول الاسلام فهو مخلد فى جحيم طبعه وبعد الموت فى جحيم الآخرة، وهناك من خرج من بيت نفسه الامارة الى مدينة صدره ووصل الى الرسول وقبل الاسلام بدليل ايراثه الكتاب اى كتاب النبوة بقبول احكام الرسالة ولم يهاجر من مدينة صدره الى الجهاد الاكبر فى تحصيل الولاية فهو محكوم عليه بدخول الجنة لكن ليس له درجة المجاهدين فى تحصيل الولاية. وما روى عن الصادق (ع) فى تفسير الظالم لنفسه هناك من انه: يحوم حول نفسه؛ يشعر بما ذكر { قالوا فيم كنتم } بهذه الادناس والارجاس اى فى اى حال كنتم حتى خرجتم بهذه الارجاس ولم ما طهرتم نفوسكم فى حيوتكم؟ - { قالوا } اعتذارا { كنا مستضعفين في الأرض } غلب علينا اهل الشرك بحيث لا يمكننا تغيير حالنا { قالوا } ردا لاعتذارهم { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها } اى فان تهاجروا او فلم تهاجروا يعنى ان لم يمكنكم التغيير فى ارضكم لامكنكم المهاجرة عنها، والارض اعم من ارض العالم الكبير وارض العالم الصغير وارض كتب الانبياء وسير احوالهم وارض احكام الملل المختلفة وتمييز المستقيم منها عن السقيم { فأولئك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا } لا منافاة بين خصوصية النزول والتعميم الذى ذكرنا على وفق ما اشير اليه فى الاخبار.

[4.98]

{ إلا المستضعفين من الرجال والنسآء والولدان } استثناء منقطع ان خصص ظالموا انفسهم بالمقصرين وان عم المقصرين والقاصرين فمتصل فان المقيم فى دار شرك النفس اما متمكن من الخروج بحسب القوة النظرية والعملية او غير متمكن والاول مقصر والثانى قاصر، والمستضعف من لا قدرة له بحسب القوة العملية على الاعمال التى تطهر قلبه عما يحجبه عن افاضات الحق تعالى ولا بحسب القوة النظرية على التميز بين الحق والباطل ولذلك فسر المستضعفين بقوله تعالى { لا يستطيعون حيلة } بحسب العمل { ولا يهتدون سبيلا } بحسب النظر وقد يفسر المستضعف بمن لم يسمع دينا ومذهبا سوى عادياتة وهو راجع الى الاول لان العجز اما من جهة اصل الفطرة او من جهة عدم المنبه.

[4.99]

{ فأولئك } مع عدم خروجهم عن دار شركهم { عسى الله أن يعفو عنهم } عن اقامتهم فى دار الشرك { وكان الله عفوا غفورا } من قبيل عطف العلة.

[4.100]

{ ومن يهاجر في سبيل الله } لما فرغ من بيان حال المقصر والقاصر المتوطن فى دار الشرك اراد ان يبين حال الخارج من بيت الشرك وهو اما يخرج فى الظاهر من بيت وطنه الصورى او فى الباطن من بيت نفسه الامارة فى طلب الاسلام وليس له جهاد لان الجهاد بعد قبول الاسلام ومعرفة الاعداء باذن النبى او الامام، او يهاجر فى سبيل الله بعد اسلامه فى طلب الايمان من بيته الصورى او المعنوى ولهذا المهاجر يتصور الجهاد بمراتبه اما بالاموال والانفس، او فانيا عن الاموال والانفس بمحض الامر من غير تعلق الخاطر بغير الامر، او بالله بالفناء عن الامر ايضا ولم يذكر الخارج من دار اسلامه او دار ايمانه الى دار الشرك لعدم الاعتناء به ولاستفادته من مفهوم المخالفة واشار الى المهاجر بعد الاسلام فى سبيل الله بقوله: ومن يهاجر فى سبيل الله { يجد في الأرض } بمعانيها { مراغما كثيرا } من الرغام وهو التراب بمعنى المذهب والمهرب والمغضب والمراد به محل تفرج وتنزه من الارض بحيث يرغم الاعداء { وسعة } فى الارض او فى نفسه او فى معيشته او فى سيره ظاهرا او باطنا، وقدم بيان حال المهاجر بعد الاسلام على الخارج الى الاسلام لشرفه وان كان مؤخرا برتبته، واشار الى الخارج الى الاسلام بقوله تعالى { ومن يخرج من بيته } ظاهرا وباطنا { مهاجرا إلى الله ورسوله } ذكر الى الله للاشارة الى ان الخارج من بيت الشرك ذاهبا الى الرسالة فى طلب الاسلام ذاهب الى الله لانتهائه الى الله، ولان الرسول مظهر الآلهة ولذا لم يكرر لفظ الى { ثم يدركه الموت } اختيار بالجذبة الآلهية او اضطرارا فى السبيل الظاهرى او الباطنى { فقد وقع أجره على الله } اى لا ينبغى ان يتكفل اداء اجره غيره وفيه بشارة الى تامة لهم { وكان الله غفورا رحيما } فيغفر مساويه الغير الزائلة عنه ويرحمه باعطاء اجره بلا واسطة ان كان نزول الآية فى جندب بن ضمرة حين خرج من مكة الى المدينة فمات، او النجاشى حين خرج الى المدينة فمات؛ لا ينافى تعميمها، ولما ذكر المجاهدين والمهاجرين اراد ان يبين حكمهم فى العبادات فقال تعالى { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة }.

[4.101]

{ وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة } شرائط القصر وكيفيته غير محتاجة الى البيان، ونفى الجناح لا ينافى وجوب القصر لانه تعالى جرى على طريقة المخاطبات العرفية وآداب الملوك من نفى البأس والحرج عن الشيء وارادة الامر به، وبعد ما علمت ان الصلوة هى ما به يتوجه الى الله والاصل فيه محمد (ص) وولايته ثم على (ع) وخلافته، ثم الاعمال القلبيته والقالبية المأخوذة منهما التى تصير سببا للتوجه اليه تعالى امكنك تعميم السفر وتعميم الصلوة والقصر { إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } اشارة الى الحكمة فى تشريع القصر لا انه تقييد للحكم فلا ينافى وجوب القصر فى حال الا من على ان حجية مفهوم الشرط غير مسلم بل هو بحسب المفهوم كسائر المجملات، واعتباره وعدم اعتباره محتاج الى القرينة، ويحتمل ان يكون المراد صلوة الخوف وقصرها ويكون قصر مطلق الصلوة فى السفر من قبيل المجملات التى بينوها لنا بدليل بيان صلوة الخوف بعدها { إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا } استيناف فى موضع التعليل.

[4.102]

Unknown page