Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Genres
{ وإن منكم لمن ليبطئن } عطفا على محذوف هو قسيمه اى ان منكم لمن يسرع فى النفر او يبطوء فيقتل او يقتل واكتفى عنه بقوله: ومن يقاتل فى سبيل الله وفصل احوال المبطئين { فإن أصابتكم مصيبة } ظاهره كالقتل والهزيمة والجراحة او باطنه كالرياضات والابتلاءات التى تكون فى الطريق { قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا } فيرى السلامة فى دار البلاء عن الابتلاء فى طريق دار الراحة نعمة والحال انها نقمة اذا لم تكن فى طريق الآخرة، او مع الانصراف عن الولاية، فعن الصادق (ع) لو قال هذه الكلمة اهل الشرق والغرب لكانوا بها خارجين من الايمان ولكن الله قد سماهم مؤمنين باقرارهم، وفى رواية: وليسوا بمؤمنين ولا كرامة، والسر فيه، انه ما لم يختر الدنيا وهوى النفس لا يرى السلامة فيها نعمة، ومن اختارها لم يكن له حظ من الايمان، وباسم الايمان لا يحصل له كرامة بل الكرامة بالايمان الذى هو قبول الدعوة الباطنة والبيعة مع صاحبها بشرائطها وبكسب الخير فيه الذى يؤدى الى ايثار الآخرة على الدنيا.
[4.73]
{ ولئن أصابكم فضل من الله } ظاهرا او باطنا ولما كان القضية الاولى كأنها مع من هو خالى الذهن عن الحكم وسؤاله وانكاره حسن خلوها عن التأكيد وهذه لما كانت بعد الاولى وصار المخاطب بذكر قسيمها مستعدا للسؤال عن القسيم الآخر اكدها باللام الموطئة والقسم ولام القسم ونون التأكيد استحسانا { ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما } يعنى ان الوصلة الايمانية تقتضى السرور بتنعمكم والحزن بمصيبتكم فالسرور حين اصابتكم بسلامته والتحسر حين التفضل عليكم بعدم وصول الفضل اليه دليل على مباينته لكم وان كان موافقا لكم بظاهر قوله ولذلك اتى بالجملة المعترضة بين القول ومقوله، واذا كان حال المبطئين على ما ذكر.
[4.74]
{ فليقاتل في سبيل الله } المؤمنون { الذين يشرون } اى يبيعون { الحياة الدنيا بالآخرة } اى الذين باعوا على يد محمد (ص) او على (ع) انفسهم واموالهم بأن لهم الجنة فصار حالهم ان يعطوا تدريجا من المبيع ويأخذوا على حسبه من الثمن { ومن يقاتل } عطف على محذوف جواب لسؤال مقدر تقديره: من لم يقاتل فهو ملحق بالمبطئين او حال عن الذين يشرون { في سبيل الله } اى حال كونه فى سبيل الله او فى حفظ سبيل الله { فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما } يعنى كلاهما له فلا ينبغى ان يطلب بجهاده الغلبة بل اعزاز نفسه بامتثال الامر واعزاز الدين ببذل نفسه او غلبته، روى عن النبى (ص) انه قال:
" للشهيد سبع خصال من الله، اول قطرة مغفور له كل ذنب، والثانية يقع رأسه فى حجر زوجيه من الحور العين وتمسحان الغبار عن وجهه، الى ان قال: والثالثة يكسى من كسوة الجنة، والرابعة يبتدر خزنة الجنة بكل ريح طيبة ايهم يأخذه منه، والخامسة ان يرى منزله، والسادسة يقال لروحه: اسرع فى الجنة حيث شئت، والسابعة ان ينظر فى وجه الله وانها الراحة لكل نبى وشهيد ".
[4.75]
{ وما لكم } اى منفعة لكم او اى مانع لكم والجملة عطف على قوله ليقاتل او حال او معطوف على مقدر تقديره: اذا كان القتال لكم مطلقا فما لكم لا ترغبون؟! فيه وما لكم { لا تقاتلون } استيناف جواب لسؤال مقدر او حال عن المجرور { في } تقوية { سبيل الله } او حفظها وهى الولاية فانها سبيل الله حقيقة وكلما انشعب منها او اتصل بها فهو سبيل الله بتبعها { والمستضعفين } عطف على الله او على سبيل الله سواء كان المراد بهم الائمة واتباعهم واولادهم الذين عدهم اشباه الناس ضعفاء او جعلوهم ضعفاء بمنع فيئهم وقتل انصارهم ام كان المراد بهم ضعفاء العقول من الشيعة او غيرهم، والمعنى ما لكم لا تقاتلون الاعداء الظاهرة للولاية فى تقوية الولاية واعلائها واعلانها بأيديكم والسنتكم واموالكم ببذلها للاعداء فى اسكاتهم او ببذلها لمن يدافعهم ويسكتهم والاعداء الباطنة لها بالسنتكم باذكارها وبجوارحكم باعمالها وبقواكم التى هى اموالكم الباطنة ببذلها حتى تدفعوا اعداءها عنها وفى تقوية الذين عدهم الاعداء او جعلوهم ضعفاء من الائمة واتباعهم وغى نصرتهم، او تقوية المعدودين من الضعفاء بدفع الشبه الواردة عليهم من الاعداء وهم شيعة ائمة الهدى (ع)، او فى تقوية الضعفاء من جنود وجودك التى عدهم الشيطان وجنوده او جعلوهم ضعفاء، او فى حفظ المعدودين من ضعفاء العقول عن الهلاك والضياع { من الرجال والنسآء والولدان الذين } لا قوة لهم على مدافعة الاعداء { يقولون ربنآ أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها } ان كان النزول فى ضعفاء مكة فلا اختصاص لها بهم كما فى الخبر فالقرية مكة وكل قرية لا يجد الشيعة فيها وليا من الامام ومشايخهم وكل قرية وقع بها الائمة بين منافقى الامة وقرية النفس الحيوانية التى لا يجد الجنود الانسانية فيها وليا ويطلبون الخروج منها الى قرية الصدر ومدينة القلب ويسألون الحضور عند امامهم او مشايخهم فى بيت القلب خاليا عن مزاحمة الأغيار بقولهم { واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا } تكرار اجعل لان مقام التضرع والابتهال يناسبه التطويل والالحاح فى السؤال ولان المسؤل ليس شخصا واحدا ولو كان واحدا لم يكن مسؤلا من جهة واحدة بل المسؤل محمد (ص) وعلى (ع)، او المسؤل محمد (ص) من جهة هدايته ومن جهة نصرته، او على (ع) كذلك وقد بقى بين الصوفية ان يكون التعليم والتلقين بتعاضد نفسين متوافقتين يسمى احد - الشخصين هاديا والآخر دليلا، والشيخ الهادى له الهداية وتولى امور السالك فيما ينفعه ويجذبه والشيخ الدليل ينصره لمدافعة الاعداء ويخرجه من الجهل والردى بدلالته طريق التوسل الى شيخ الهدى، وفى الآية اشارة الى ان السالك ينبغى له ان يطلب دائما حضوره عند شيخه بحسب مقام نورانيته ومقام صدره وهو معنى انتظار ظهور الشيخ فى عالمه الصغير واما ظهور الشيخ بحسب بشريته على بشرية السالك فلا يصدق عليه انه من لدن الله واذا ظهر الشيخ بحسب النورانية كان وليا من لدن الله ونصيرا من لدنه.
[4.76]
{ الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله } حال او مستأنف فى مقام التعليل والمعنى لا ينبغى لكم ترك المقاتلة لان الانسان لا يخلو عن المقاتلة واكتفى عن نسبة المقاتله بطريق العموم والاستمرار الى الانسان بنسبة المقاتلة الى الفريقين والاتيان بالمضارع الدال على الاستمرار التجددى ولان المؤمنين يقاتلون فى سبيل الله وقد مضى انه من يقاتل فى سبيل الله فالعاقبة له سواء غلب او غلب { والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت } ومن يقاتل فى سبيل الطاغوت لا تجد له نصيرا كما مضى ان المؤمنين بالجبت والطاغوت لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا ولا تجد له ظهيرا، لان الشيطان يعدهم وما يعدهم الا غرورا وبعد ما يوقعهم فيما يريد يفر عنهم.
Unknown page