Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Genres
{ لن يضروكم } جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: هل يضر الفاسقون منهم بنا؟ - فقال: لن يضروكم { إلا أذى } الا ضررا يسيرا هو الاذى فالاذى مفعول مطلق نوعى من غير لفظ الفعل والاستثناء مفرغ { وإن يقاتلوكم } يعنى ان فرض ضرر المقاتلة فالعاقبة لكم لانهم ان يقاتلوكم { يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون } عطف على مجموع لن يضروكم (الى آخره) او على جملة الشرط والجزاء يعنى بعد الضرر اليسير والمقاتلة لا ينصرون، او بعد المقاتلة لا ينصرون، ويجوز ان يكون ثم للترتيب فى الاخبار وقرئ لا ينصروا مجزوما معطوفا على الجزاء والآية من الاخبار الآتية وتدل على نبوة النبى (ص) لوقوع المخبر عنه بعد الاخبار كما اخبر.
[3.112]
{ ضربت عليهم الذلة } المحيطة بهم كالبيت المضروب عليهم فى الدنيا بالصغار والجزية كاليهود والنصارى الذين رضوا بالجزية او فى الانظار كاليهود الذين لا يوجدون الا ذليلين فى الدنيا فى الامصار والانظار او بالمغلوبية بالحجة، او فى الآخرة والاتيان بالماضى لتحقق وقوعه { أين ما ثقفوا } وجدوا { إلا بحبل من الله } هو الفطرة التى فطر الله الناس عليها التى يعبر عنها بالولاية التكوينية التى هى الكتاب التكوينى الالهى الذى كتابه التدوينى ظهوره وبيانه { وحبل من الناس } هو الاتصال بالنبى (ص) بالبيعة العامة او بالولى (ع) بالبيعة الخاصة الولاية ويعبر عنه بالولاية التكليفية، نسب الى الصادق (ع) انه قال: الحبل من الله كتاب الله والحبل من الناس على بن ابى طالب (ع) { وبآءوا } اى يرجعون الى الآخرة والتأدية بالماضى للمشاكلة مع الافعال السابقة والآتية ولتحقق وقوعه { بغضب } عظيم { من الله وضربت عليهم المسكنة } مشتق جعلى من المسكين وهو الذى أسكنه الفقر من الحركة فى معاشه وهو اسوء حالا من الفقير الذى لا يكون له ما يكفيه لمؤنته وتلك الاوصاف جارية على اليهود من زمن النبى (ص) الى زماننا هذا فى جميع البلاد فانه قلما يوجد يهودى الا وهو ذليل، والآيات نازلة فى اهل الكتاب لكنها تعريض بالامة المعرضة عن على (ع) { ذلك } المذكور من ضرب الذلة والمسكنة والبوء بالغضب { بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله } التدوينية والاحكام الالهية التى كانت فى كتبهم وشرائعهم وبآيات الله التكوينية من محمد (ص) وعلى (ع) ومعجزاتهما وانبيائهم فان كفرهم باقوال أنبيائهم فى محمد (ص) وعلى (ع) كفر بهم والاتيان بالمضارع مع تخلل كانوا للاشعار بان هذه كانت سجيتهم وانهم مستمرون عليها لا يمكنهم الانفكاك عنها { ويقتلون الأنبيآء بغير حق } التقييد به للتبيين او للتقييد باعتقادهم يعنى يتيقنون ان قتلهم كان بغير حق لا انهم كانوا يشكون او يظنون او يوقنون انه بحق { ذلك } الكفر والقتل { بما عصوا وكانوا يعتدون } اى بسبب عصيانهم وكونهم معتدين لان الاصرار على الصغائر يفضى الى الكبائر والكبائر تؤدى الى الاكبر.
[3.113]
{ ليسوا سوآء } اى ليس اهل الكتاب الذين آمنوا والفاسقون سواء فى احوالهم واعمالهم { من أهل الكتاب } مستأنفة جوابا لسؤال مقدر مثل الجمل السابقة والآتية كأنه قيل: ما حالهم المختلفة الغير المتساوية؟ او لم قلت: ليسوا سواء؟ - فقال: منهم { أمة قآئمة } معتدلة فى احوالهم واخلاقهم واعمالهم او قائمة للعبادة ويكون حينئذ آناء الليل متنازعا فيه { يتلون } صفة بعد صفة او حال او مستأنف { آيات الله } يعنى يرغبون فى آيات الله وينظرون اليها ويتدبرون فيها من كتبهم ومن القرآن { آنآء الليل } جمع الانى بفتح الهمزة او كسرها وسكون النون او جمع الانو بالكسر والسكون بمعنى الساعة من الليل { وهم يسجدون } يخضعون لله وللخلق او تلاوة الآيات، والسجود كناية عن صلاة العتمة او صلاة الليل وقوله تعالى { يؤمنون بالله واليوم الآخر }.
[3.114-115]
{ يؤمنون بالله واليوم الآخر } جملة مستأنفة او صفة بعد صفة او حال فى مقام التعليل، ويجوز ان يكون تأخيره عن التلاوة والسجود للاشعار بأنه مسبب عنهما والمعنى يؤمنون بالله على يد محمد (ص) بسبب تلاوة الآيات والسجود { ويأمرون بالمعروف } وللاشارة الى انهم ليسوا معصومين ومفطورين على الامر بالمعروف والنهى عن المنكر بل هما يحصلان لهم بعد الايمان التكليفى بالله اخرهما هاهنا عن الايمان بالله بخلاف الآية السابقة فانها كانت فى وصف الائمة المفطورين على الامر بالمعروف قبل الايمان { وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات } من العبادات والاحسان الى العباد { وأولئك } العظماء الموصوفون بتلك الاوصاف { من الصالحين وما يفعلوا من خير فلن يكفروه } يعنى فى الآخرة والا فالمؤمن مكفر وذلك ان معروفه يصعد الى السماء فلا ينتشر فى الناس، والكافر مشكور وذلك أن معروفه للناس ينتشر فى الناس ولا يصعد الى السماء وتعدية يكفروه الى المفعولين اما لتضمين معنى الحرمان او لتشبيه المنصوب الثانى بالمفعول مثل زيد حسن الوجه بنصب الوجه وقرء تفعلوا ويكفروه بالخطاب والغيبة { والله عليم بالمتقين } وضع الظاهر موضع المضمر للاشعار بمدح آخر لهم وللاشارة الى ان فعل الخير لا يكون الا عن التقوى وهو بشارة للمؤمنين بان افعالهم الحسنة لا تعزب عن علم الله تعالى فيجازى لا محالة عليها.
[3.116]
{ إن الذين كفروا } مستأنف جواب للسؤال عن حال الصنف الآخر من اهل الكتاب كأنه قيل: قد عرفنا حال الامة القائمة المؤمنة من اهل الكتاب فما حال الامة الكافرة منهم؟! وانما اخرج الكلام بصورة الجواب للسؤال المقدر مع ان حقه ان يقول: ومنهم امة معوجة يكفرون بالله حتى يتم التعديل مع قوله من اهل الكتاب امة قائمة اكتفاء ببيان حالهم عن التصريح بالتقسيم وتعميما للحكم لجميع الكفار مع الايجاز { لن تغني عنهم } اى لن تجاوز عنهم بالاغناء بتضمين مثل معنى المجاوزة { أموالهم ولا أولادهم } اقتصر مما يغتر به الانسان فيكفر بالله عليهما لانهما اعز الاشياء عليه ولان اعتماده واستظهاره بهما اقوى واشد من غيرهما { من الله } اى من سخط الله { شيئا } من الله حال مقدم ان كان شيئا مفعولا به؛ او قائم مقام الموصوف الذى هو مفعول به ان كان شيئا مفعولا مطلقا ولفظة من للتبعيض { وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } بمناسبة مقام السخط بسط فى الكلام وغلظ واكد بمؤكدات عديدة.
[3.117]
Unknown page