118

Tafsir Bayan Sacada

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

Genres

روزو شب سيارى و در كشتيئى

وقوله:

هيج نكشد نفس را جز ظل بير

دامن آن نفس كش را سخت كير

وامثال ذلك كلها اشارة الى هذا الظهور وتلك المعية ولما كان المعانى تقتضى الظهور فى المظاهر الدانية جاز ان يكون التابوت فى الظاهر صندوقا من خشب الشمشاد مموها بالذهب محسوسا للكل دار معه الملك او النبوة كلما دارو كأنه كان كثير من بنى اسرائيل يظهر التابوت والسكينة وبقية آل موسى (ع) وهارون (ع) بحسب المعنى والتأويل على صدورهم لتأثير قوة نفوس آبائهم فيهم وتفضل الله عليهم بسبب آبائهم ولذلك كان فيهم انبياء كثيرون بحيث قتلوا منهم فى يوم واحد الى الضحى جماعة كثيرة ولم يتغير حالهم كأنهم لم يفعلوا شيئا، ولما عملوا بالمعاصى ارتفع ذلك الفضل عنهم وحرموا التشرف بالتابوت والسكينة وبعد ما اضطروا والتجاؤا الى نبيهم تفضل الله عليهم به وجعله الله آية ملك طالوت وقال { إن في ذلك لآية لكم } ويجوز ان يكون هذا من تتمة كلام نبيهم { إن كنتم مؤمنين } شرط تهييجى وبعد ظهور التابوت والاقرار بطالوت جمعوا له الجنود وخرجوا الى قتال جالوت.

[2.249]

{ فلما فصل طالوت بالجنود } يعنى لما أخرجهم من مواطنهم قيل كان الجنود ثمانين الفا وقيل سبعين وذلك أنهم لما رأوا التابوت وآثار النصر تبادروا الى الجهاد { قال إن الله مبتليكم بنهر } كما هو عادته فى حق المؤمنين وابتلاؤهم لتثبيتهم على الايمان { فمن شرب منه فليس مني } اى من أتباعى { ومن لم يطعمه } الطعم عام فى المشروب والمأكول { فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده } وقرئ غرفة بفتح الغين والفرق بينهما ان مضموم الفاء اسم للمصدر ومفتوحها مصدر عددى وهو استثناء من شرب منه وتقديم الجملة المعطوفة عليه للاهتمام بها { فشربوا منه إلا قليلا منهم } الا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من جملة الثمانين الفا منهم من اغترف ومنهم من لم يطعمه ومن لم يطعمه استغنى عنه ومن اقتصر على الغرفة كفته لشربه واداوته ومن لم يقتصر غلب عطشه واسودت شفته ولم يقدر ان يمضى، وملكهم كان علم ذلك الابتلاء بالوحى والالهام او باخبار نبيهم، وكان ذلك صورة الدنيا تمثلت لهم لتنبههم ان الدنيا هكذا كان حالها لمن اجتنبها ولمن ارادها { فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه } يعنى الذين لم يشربوا او اغترفوا غرفة ورأوا كثرة جنود جالوت وقلة عددهم { قالوا } اى الذين اغترفوا { لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون } اى يعلمون وقد مر ان العلوم الحصولية لمغايرة معلومها لها حكمها حكم الظنون وكثيرا ما يطلق عليها الظنون وان علوم النفوس لتغيرها وعدم ثباتها كالظنون { أنهم ملاقوا الله } وهم الذين لم يغترفوا { كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله } اى بترخيصه وامداده فان الاذن فى امثال المقام ليس معناه الترخيص فقط { والله مع الصابرين } قد مضى ان هذه المعية ليست مثل المعية فى قوله تعالى: { وهو معكم أين ما كنتم } [الحديد: 4]، ومثلها فى قوله (ع) مع كل شيء لا بالممازجة فان هذه معية رحيمية وتلك معية رحمانية وعن الرضا (ع): أوحى الله تعالى الى نبيهم ان جالوت يقتله من يسوى عليه درع موسى (ع) وهو رجل من ولد لاوى بن يعقوب (ع) اسمه داود بن آسى وكان آسى راعيا وكان له عشرة بنين أصغرهم داود فلما بعث طالوت الى بنى اسرائيل وجمعهم لحرب جالوت بعث الى آسى ان احضر واحضر ولدك فلما حضروا دعا واحدا واحدا من ولده فألبسه الدرع درع موسى (ع) فمنهم من طالت عليه ومنهم من قصرت عنه فقال لآسى هل خلفت من ولدك احدا؟ - قال: نعم أصغرهم تركته فى الغنم راعيا فبعث اليه فجاء به فلما دعى أقبل ومعه مقلاع قال: فناداه ثلاث صخرات فى طريقه فقالت: يا داود خذنا فأخذها فى مخلاته وكان شديد البطش قويا فى بدنه شجاعا فلما جاء الى طالوت البسه درع موسى (ع) فاستوت عليه ففصل طالوت بالجنود وقال لهم نبيهم: يا بنى اسرائيل { إن الله مبتليكم بنهر } فى هذه المفازة { فمن شرب منه } فليس من حزب الله ومن لم يشرب فهو من حزب الله { إلا من اغترف غرفة بيده } فلما وردوا النهر اطلق الله لهم ان يغترف كل واحد منهم غرفة { فشربوا منه إلا قليلا منهم } فالذين شربوا منه كانوا ستين الفا وكان هذا امتحانا امتحنوا به كما قال الله عز وجل.

[2.250-251]

{ ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا } ملتجئين الى الله مستنصرين به كما هو ديدن كل من وقع فى شدة واضطرار { ربنآ أفرغ علينا صبرا } افرغ الماء صبه وكأنهم طلبوا كثرة الصبر لشدة خوفهم وتوحشهم ولذلك استعملوا الافراغ { وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت } فى خبر عن الصادق (ع): ان داود جاء فوقف بحذاء جالوت وكان جالوت على الفيل وعلى رأسه التاج وفى جبهته ياقوتة يلمع نورها وجنوده بين يديه فأخذ داود من تلك الاحجار حجرا فرمى به ميمنة جالوت فمر فى الهواء ووقع عليهم فانهزموا، وأخذ حجرا آخر فرمى به ميسرة جالوت فانهزموا، ورمى جالوت بحجر فصك الياقوتة فى جبهته ووصلت الى دماغه ووقع على الارض ميتا { وآتاه الله الملك } اى السلطنة الصورية او الرسالة { والحكمة } النظرية والعملية فتكون اعم من الرسالة واحكامها والنبوة والولاية وآثارهما، او المراد بالحكمة الولاية وآثارها ان كان المراد بالملك الرسالة ويكون المراد بتعليم ما يشاء تعميم حكمته، او المراد بالحكمة الحكمة العملية وقوله تعالى { وعلمه مما يشآء } كان اشارة الى الحكمة النظرية او بالعكس { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض } بعضهم بدل من الناس بدل البعض والمعنى لولا دفع الله البلاء عن الناس عن البعض ببعض آخر يعنى عن الكفار بالمؤمنين، او عن بعض المؤمنين القاصرين بالبعض الكاملين فى الاعمال، او لولا دفع الله الناس أنفسهم بعضهم الكفار بالبعض الآخر من الكفار او بالمسلمين، او لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض آخر كالحكام والسلاطين فان اصلاح الناس ودفع الاشرار عن العباد بالسلطان اكثر من الاصلاح بالرسل، والى الكل اشير فى الاخبار { لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين } حيث جعل صلاح الصالح سببا لعدم هلاك الفاسد بل مصلحا لفساده او دفع شر الاشرار بالاخيار او بالاشرار.

[2.252]

Unknown page