34

Tafsir Bahr Muhit

البحر المحيط في التفسير

Investigator

صدقي محمد جميل

Publisher

دار الفكر

Edition Number

١٤٢٠ هـ

Publisher Location

بيروت

فَقَالَ: لَمْ يُمِلْ أَحَدٌ من القراء أَلِفَ مَالِكٍ، وَذَلِكَ جَائِزٌ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُقْرَأُ بِمَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ أَثَرٌ مُسْتَفِيضٌ. وذكر أيضا أنه قرىء فِي الشَّاذِّ مَلَّاكِ بِالْأَلِفِ وَالتَّشْدِيدِ لِلَّامِ وَكَسْرِ الْكَافِ. فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ قِرَاءَةً، بَعْضُهَا رَاجِعٌ إِلَى الْمَلْكِ، وَبَعْضُهَا إِلَى الْمِلْكِ، قَالَ اللُّغَوِيُّونَ: وَهُمَا رَاجِعَانِ إِلَى الْمَلْكِ، وَهُوَ الرَّبْطُ، وَمِنْهُ مَلْكُ الْعَجِينِ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ: مَلَكْتُ بِهَا كَفِّي فأَنْهَرْتُ فَتْقَهَا ... يَرَى قائما مِنْ دُونِهَا مَا وَرَاءَهَا وَالْإِمْلَاكُ رَبْطُ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَمِنْ مُلَحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ جَمِيعَ تَقَالِيبِهَا السِّتَّةِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي اللِّسَانِ، وَكُلُّهَا رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى الْقُوَّةِ وَالشِّدَّةِ، فَبَيْنَهَا كُلِّهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ، وَهَذَا يُسَمَّى بِالِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ، وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ غَيْرُ أَبِي الْفَتْحِ. وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ يَأْنَسُ بِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَتِلْكَ التَّقَالِيبُ: مَلَكَ، مَكَلَ، كَمْكَلَ، لَكَمَ، كَمُلَ، كَلَمَ. وَزَعَمَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ أَنَّ تَقْلِيبَ كَمْكَلَ مُهْمَلٌ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلْ هُوَ مُسْتَعْمَلٌ بِدَلِيلِ مَا أَنْشَدَ الْفَرَّاءُ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ: فَلَمَّا رَآنِي قَدْ حَمَمْتُ ارْتِحَالَهُ ... تَمَلَّكَ لَوْ يُجْدِي عَلَيْهِ التَّمَلُّكُ وَالْمُلْكُ هُوَ الْقَهْرُ وَالتَّسْلِيطُ عَلَى مَنْ تَتَأَتَّى مِنْهُ الطَّاعَةُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِاسْتِحْقَاقٍ وَبِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ. وَالْمَلْكُ هُوَ الْقَهْرُ عَلَى مَنْ تَتَأَتَّى مِنْهُ الطَّاعَةُ، وَمَنْ لَا تَتَأَتَّى مِنْهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ بِاسْتِحْقَاقٍ، فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: يُقَالُ مَلَكَ مِنَ الْمُلْكِ، بِضَمِّ الْمِيمِ، وَمَالِكِ مِنَ الْمِلْكِ، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا، وَزَعَمُوا أَنَّ ضَمَّ الْمِيمِ لُغَةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ لِي فِي هَذَا الْوَادِي مُلْكٌ وَمِلْكٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. يَوْمِ، الْيَوْمُ هُوَ الْمُدَّةُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَيُطْلَقُ عَلَى مُطْلَقِ الْوَقْتِ، وَتَرْكِيبُهُ غَرِيبٌ، أَعْنِي وُجُودَ مَادَّةٍ تَكُونُ فَاءُ الْكَلِمَةِ فِيهَا يَاءً وَعَيْنُهَا وَاوًا لَمْ يَأْتِ مِنْ ذَلِكَ سِوَى يَوْمٍ وَتَصَارِيفِهِ وَيُوحُ اسْمٌ لِلشَّمْسِ، وَبَعْضُهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ بُوجٌ بِالْبَاءِ، وَالْمُعْجَمَةِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ أَسْفَلَ. الدِّينِ الْجَزَاءُ دَنَاهُمْ كَمَا دَانُوا، قَالَهُ قَتَادَةُ، وَالْحِسَابُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ «١»، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْقَضَاءُ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ «٢»، وَالطَّاعَةُ فِي دِينِ عَمْرٍو، وَحَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ فَدَكٌ، قَالَهُ أَبُو الْفَضْلِ وَالْعَادَةُ، كَدِينِكَ مِنْ أُمِّ الحويرث

(١) سورة التوبة: ٩/ ٣٦، وسورة الروم: ٣٠/ ٣٠. (٢) سورة النور: ٢٤/ ٢.

1 / 37