148

Al-Baḥr al-Muḥīṭ fī al-tafsīr

البحر المحيط في التفسير

Editor

صدقي محمد جميل

Publisher

دار الفكر

Edition Number

١٤٢٠ هـ

Publisher Location

بيروت

هَذَا السِّيَاقِ الَّذِي نُوقِلَ فِي ذَرْوَةِ الْإِحْسَانِ وَتَمَكَنَ فِي بَرَاعَةِ أَقْسَامِ الْبَدِيعِ وبلاغة معاني البيان.
[سورة البقرة (٢): الآيات ٢١ الى ٢٢]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشًا وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)
يَا: حَرْفُ نِدَاءٍ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا اسْمُ فِعْلٍ مَعْنَاهَا: أُنَادِي، وَعَلَى كَثْرَةِ وُقُوعِ النِّدَاءِ فِي الْقُرْآنِ لَمْ يَقَعْ نِدَاءً إِلَّا بِهَا، وَهِيَ أَعَمُّ حُرُوفِ النِّدَاءِ، إِذْ يُنَادَى بِهَا الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَالْمُسْتَغَاثُ وَالْمَنْدُوبُ. وَأَمَالَهَا بَعْضُهُمْ، وَقَدْ تَتَجَرَّدُ لِلتَّنْبِيهِ فَيَلِيهَا الْمُبْتَدَأُ وَالْأَمْرُ وَالتَّمَنِّي وَالتَّعْلِيلُ، وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا يُنْوَى بَعْدَهَا مُنَادِي. أَيْ: اسْتِفْهَامٌ وَشَرْطٌ وَصِفَةٌ وَوَصْلَةٌ لِنِدَاءِ مَا فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامِ، وَمَوْصُولَةٌ، خِلَافًا لِأَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، إِذْ أَنْكَرَ مَجِيئَهَا مَوْصُولَةً، وَلَا تَكُونُ مَوْصُوفَةً خِلَافًا لِلْأَخْفَشِ. هَا: حَرْفُ تَنْبِيهٍ، أَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهَا مَعَ ضَمِيرِ رَفْعٍ مُنْفَصِلٍ مُبْتَدَأٍ مُخْبَرٍ عَنْهُ بِاسْمِ إِشَارَةٍ غَالِبًا، أَوْ مَعَ اسْمِ إِشَارَةٍ لَا لِبُعْدٍ، وَيُفْصَلُ بِهَا بَيْنَ أَيْ فِي النِّدَاءِ وَبَيْنَ الْمَرْفُوعِ بَعْدَهُ، وَضَمُّهَا فِيهِ لُغَةُ بَنِي مَالِكٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، يَقُولُونَ: يَا أَيُّهَ الرَّجُلُ، وَيَا أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ. الْخَلْقُ: الِاخْتِرَاعُ بِلَا مِثَالِ، وَأَصْلُهُ التَّقْدِيرُ، خَلَقَتِ الْأَدِيمَ قُدْرَتُهُ، قَالَ زُهَيْرٌ:
وَلَأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وَبَعْضُ الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لَا يَفْرِي قَالَ قُطْرُبٌ: الْخَلْقُ هُوَ الْإِيجَادُ عَلَى تَقْدِيرٍ وَتَرْتِيبٍ، وَالْخَلْقُ وَالْخَلِيقَةُ تَنْطَلِقُ عَلَى الْمَخْلُوقِ، وَمَعْنَى الْخَلْقِ وَالْإِيجَادِ، وَالْإِحْدَاثِ، وَالْإِبْدَاعِ، وَالِاخْتِرَاعِ، والإنشاء، متقارب. قبل: ظَرْفُ زَمَانٍ، وَلَا يَعْمَلُ فِيهَا عَامِلٌ فَيُخْرِجُهَا عَنِ الظَّرْفِيَّةِ إِلَّا مِنْ، وَأَصْلُهَا وَصْفٌ نَابَ عَنْ مَوْصُوفِهِ لُزُومًا، فَإِذَا قُلْتَ: قُمْتُ قَبْلَ زَيْدٍ، فَالتَّقْدِيرُ قُمْتُ زَمَانًا قَبْلَ زَمَانِ قِيَامِ زَيْدٍ، فَحُذِفَ هَذَا كُلُّهُ وَنَابَ عَنْهُ قَبْلَ زَيْدٍ. لَعَلَّ: حَرْفُ تَرَجٍّ فِي المحبوبات، وتوقع في المحدورات، وَلَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الْمُمْكِنِ، لَا يُقَالُ: لَعَلَّ الشَّبَابَ يَعُودُ، وَلَا تَكُونُ بِمَعْنَى كَيْ، خِلَافًا لِقُطْرُبٍ وَابْنِ كَيْسَانَ، وَلَا اسْتِفْهَامًا خِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ، وَفِيهَا لُغَاتٌ لَمْ يَأْتِ مِنْهَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا الْفُصْحَى، وَلَمْ يُحْفَظْ بَعْدَهَا نَصْبُ الِاسْمَيْنِ، وَحَكَى الْأَخْفَشُ أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يجر بِلَعَلَّ، وَزَعَمَ أَبُو زَيْدٍ أَنَّ ذَلِكَ لُغَةُ بَنِي عَقِيلٍ. الْفِرَاشُ: الْوِطَاءُ الَّذِي يُقْعَدُ عَلَيْهِ وَيُنَامُ وَيُتَقَلَّبُ عَلَيْهِ. الْبِنَاءُ: مَصْدَرٌ، وَقَدْ براد بِهِ الْمَنْقُولُ مِنْ بَيْتٍ أَوْ قُبَّةٍ أَوْ خِبَاءٍ أَوْ طِرَافٍ وَأَبْنِيَةُ الْعَرَبِ أَخْبِيَتِهِمْ. الْمَاءُ: مَعْرُوفٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ جَوْهَرٌ سَيَّالٌ بِهِ قِوَامُ الْحَيَوَانِ وَوَزْنُهُ

1 / 151