143

Al-Baḥr al-Muḥīṭ fī al-tafsīr

البحر المحيط في التفسير

Editor

صدقي محمد جميل

Publisher

دار الفكر

Edition Number

١٤٢٠ هـ

Publisher Location

بيروت

وَفِي إِطْلَاقِهِ عَلَى الْمَعْدُومِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ خِلَافٌ، وَمَنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَهُوَ أَنْكَرُ النَّكِرَاتِ، إِذْ يُطْلَقُ عَلَى الْجِسْمِ وَالْعَرَضِ وَالْقَدِيمِ وَالْمَعْدُومِ وَالْمُسْتَحِيلِ. الْقُدْرَةُ: الْقُوَّةُ عَلَى الشَّيْءِ وَالِاسْتِطَاعَةُ لَهُ، وَالْفِعْلُ قَدَرَ وَمَصَادِرُهُ كَثِيرَةٌ: قَدَرٌ، قُدْرَةٌ، وَبِتَثْلِيثِ الْقَافِ، وَمَقْدِرَةٌ، وَبِتَثْلِيثِ الدَّالِ: وَقُدْرٌ، أَوْ قِدْرٌ، أَوْ قُدَرٌ، أَوْ قَدَارٌ، أَوْ قِدَارٌ، أَوْ قُدْرَانًا، وَمَقْدَرًا، وَمَقْدُرًا.
الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ: يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ إِذْ هِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ قَائِلٍ قَالَ: فَكَيْفَ حَالُهُمْ مَعَ ذَلِكَ الْبَرْقِ؟ فَقِيلَ: يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَرِّ صِفَةٍ لِذَوِي الْمَحْذُوفَةِ التَّقْدِيرُ كَائِدُ الْبَرْقِ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْبَرْقِ لِلْعَهْدِ، إِذْ جَرَى ذِكْرُهُ نَكِرَةً فِي قَوْلِهِ: فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ، فَصَارَ نَظِيرُ: لَقِيتُ رَجُلًا فَضَرَبْتُ الرَّجُلَ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ «١» . وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَيَحْيَى بْنُ زَيْدٍ: يَخْطِفُ بِسُكُونِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ، قَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: وَأَظُنُّهُ غَلَطًا وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ أَحَدًا لَمْ يَقْرَأْ بِالْفَتْحِ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْفَتْحُ، يَعْنِي فِي الْمُضَارِعِ أَفْصَحُ، انْتَهَى. وَالْكَسْرُ فِي طَاءِ الْمَاضِي لُغَةُ قُرَيْشٍ، وَهِيَ أَفْصَحُ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ: خَطَفَ بِفَتْحِ الطَّاءِ، يَخْطِفُ بِالْكَسْرِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ، وَنَسَبَ الْمَهْدَوِيُّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ إِلَى الْحَسَنِ وَأَبِي رَجَاءٍ، وَذَلِكَ وَهْمٌ. وَقَرَأَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ: يَخْتَطِفُ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ:
يَتَخَطَّفُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ أَيْضًا: يَخَطَّفُ، بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْخَاءِ وَالطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ أَيْضًا، وَالْجَحْدَرِيُّ، وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: يَخَطِّفُ، بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ الْمَكْسُورَةِ، وَأَصْلُهُ يَخْتَطِفُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ أَيْضًا، وَأَبُو رجاء، وعاصم الجحدري، وقتادة:
يَخِطِّفُ، بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَالطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ. وَقَرَأَ أَيْضًا الْحَسَنُ، وَالْأَعْمَشُ: يِخِطِّفُ، بِكَسْرِ الثَّلَاثَةِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: يُخَطِّفُ، بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ مِنْ خَطَفَ، وَهُوَ تَكْثِيرُ مُبَالَغَةٍ لَا تَعْدِيَةٍ. وَقَرَأَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: يَخْطِّفُ، بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ الْمَكْسُورَةِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ اخْتِلَاسٌ لِفَتْحَةِ الْخَاءِ لَا إِسْكَانَ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ عَلَى غَيْرِ حَدِّ الْتِقَائِهِمَا.
فَهَذَا الحرف قرىء عَشْرَ قِرَاءَاتٍ: السَّبْعَةُ يَخْطَفُ، وَالشَّوَاذُّ: يَخَطِفُ يَخْتَطِفُ يَتَخَطَّفُ يَخَطَّفُ وَأَصْلُهُ يَتَخَطَّفُ، فَحَذَفَ التَّاءَ مَعَ الْيَاءِ شُذُوذًا، كَمَا حَذَفَهَا مَعَ التَّاءِ قياسا. يخطف

(١) سورة المزمل: ٧٣/ ١٥- ١٦.

1 / 146