11

Tafsir Bahr Muhit

البحر المحيط في التفسير

Investigator

صدقي محمد جميل

Publisher

دار الفكر

Edition Number

١٤٢٠ هـ

Publisher Location

بيروت

أو سنجرا، تَرَى مِثْلَ هَذَا يُعَدُّ مِنَ الْعُقَلَاءِ، وَكَانَ هَذَا الْمُعَاصِرُ يَزْعُمُ أَنَّ كُلَّ آيَةٍ نَقَلَ فِيهَا التَّفْسِيرَ خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ بِالسَّنَدِ إِلَى أَنْ وَصَلَ ذَلِكَ إِلَى الصَّحَابَةِ، وَمِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ تَفْسِيرِهَا هَذَا، وَهُمُ الْعَرَبُ الْفُصَحَاءُ الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِمْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَقَدْ سُئِلَ: هَلْ خَصَّكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِشَيْءٍ؟ فَقَالَ: مَا عِنْدَنَا غَيْرُ مَا فِي هَذِهِ الصحيفة أو فهما يُؤْتَاهُ الرَّجُلُ فِي كِتَابِهِ. وَقَوْلُ هَذَا الْمُعَاصِرِ يُخَالِفُ قَوْلَ عَلِيٍّ، ﵁. وَعَلَى قَوْلِ هَذَا الْمُعَاصِرِ يَكُونُ مَا اسْتَخْرَجَهُ النَّاسُ بَعْدَ التَّابِعِينَ مِنْ عُلُومِ التَّفْسِيرِ وَمَعَانِيهِ وَدَقَائِقِهِ، وَإِظْهَارِ مَا احْتَوَى عَلَيْهِ مِنْ عِلْمِ الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ وَالْإِعْجَازِ لَا يَكُونُ تَفْسِيرًا حَتَّى يُنْقَلَ بِالسَّنَدِ إِلَى مُجَاهِدٍ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا كَلَامٌ سَاقِطٌ. وَإِذْ قَدْ جُرَّ الْكَلَامُ إِلَى هَذَا، فَلْنَذْكُرْ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ عِلْمُ التَّفْسِيرِ مِنَ الْعُلُومِ عَلَى الِاخْتِصَارِ، وَنُنَبِّهُ عَلَى أَحْسَنِ الْمَوْضُوعَاتِ الَّتِي فِي تِلْكَ الْعُلُومِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا فِيهِ فَنَقُولُ: النَّظَرُ فِي تَفْسِيرِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ مِنْ وُجُوهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ- عِلْمُ اللُّغَةِ اسْمًا وَفِعْلًا وحرفا: الحروف لِقِلَّتِهَا تَكَلَّمَ عَلَى مَعَانِيهَا النُّحَاةُ، فَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِهِمْ، وَأَمَّا الْأَسْمَاءُ وَالْأَفْعَالُ فَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ، وَأَكْثَرُ الْمَوْضُوعَاتِ فِي عِلْمِ اللُّغَةِ كِتَابُ ابْنِ سِيدَهْ، فَإِنَّ الْحَافِظَ أَبَا مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارِسِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ فِي مِائَةِ سِفْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِالْفَلَكِ وَخَتَمَ بِالذَّرَّةِ. وَمِنَ الْكُتُبِ الْمُطَوَّلَةِ فِيهِ: كِتَابُ الْأَزْهَرِيِّ، وَالْمُوعَبُ لِابْنِ التَّيَّانِيِّ، وَالْمُحْكَمُ لِابْنِ سِيدَهْ، وَكِتَابُ الْجَامِعِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ التَّمِيمِيِّ الْقَيْرَوَانِيِّ، عُرِفَ بِالْقَزَّازِ، وَالصِّحَاحُ لِلْجَوْهَرِيِّ، وَالْبَارِعُ لِأَبِي عَلِيٍّ التالي، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ لِلصَّاغَانِيِّ. وَقَدْ حَفِظْتُ فِي صِغَرِي فِي عِلْمِ اللُّغَةِ كِتَابَ الْفَصِيحِ لِأَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الشَّيْبَانِيِّ، وَاللُّغَاتِ الْمُحْتَوِي عَلَيْهَا دَوَاوِينُ مَشَاهِيرِ الْعَرَبِ السِّتَّةِ: امْرِئِ الْقَيْسِ، وَالنَّابِغَةِ، وَعَلْقَمَةَ، وَزُهَيْرٍ، وَطَرَفَةَ، وَعَنْتَرَةَ، وَدِيوَانُ الْأَفْوَهِ الْأَوْدِيِّ لِحِفْظِي عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ لِهَذِهِ الدَّوَاوِينِ. وَحَفِظْتُ كَثِيرًا مِنَ اللُّغَاتِ الْمُحْتَوِي عَلَيْهَا نَحْوُ الثُّلُثِ مِنْ كِتَابِ الْحَمَاسَةِ وَاللُّغَاتِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا قَصَائِدُ مُخْتَارَةٌ مِنْ شِعْرِ حَبِيبِ بْنِ أَوْسٍ لِحِفْظِي ذَلِكَ. وَمِنَ الْمَوْضُوعَاتِ فِي الْأَفْعَالِ: كِتَابُ ابْنِ الْقُوطِيَّةِ، وَكِتَابُ ابن طريف، وكتاب السرقنطي الْمَنْبُوزِ «١» بِالْحِمَارِ. وَمِنْ أَجْمَعِهَا: كِتَابُ ابْنِ الْقَطَّاعِ. الْوَجْهُ الثَّانِي- مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الَّتِي لِلْكَلِمِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ جِهَةِ إِفْرَادِهَا وَمِنْ جِهَةِ تَرْكِيبِهَا: وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ النَّحْوِ، وَأَحْسَنُ مَوْضُوعٍ فِيهِ وَأَجَلُّهُ كِتَابُ أَبِي بِشْرٍ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ

(١) المنبوز: المسمّى على وجه السخرية. وفي التنزيل العزيز: وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ.

1 / 14