57

Tafsir Ayat Ahkam

تفسير آيات الأحكام

Genres

قال العلامة القرطبي: " لا ينكر أحد أن يظهر على يد الساحر خرق العادات، بما ليس في مقدور البشر، من مرض، وتفريق، وزوال عقل، وتعويج عضو، إلى غير ذلك مما قام الدليل على استحالة كونه من مقدورات البشر.

قالوا: ولا يبعد في السحر أن يستدق جسم الساحر حتى يلج في الكوات، والخوخات، والانتصاب على رأس قصبة، والجري على خيط مستدق، والطيران في الهواء، والمشي على الماء، وركوب كلب وغير ذلك، ومع ذلك فلا يكون السحر موجبا لذلك، ولا علة لوقوعه، ولا سببا مولودا، ولا يكون الساحر مستقلا به، وإنما يخلق الله تعالى هذه الأشياء، ويحدثها عند وجود السحر، كما يخلق الشبع عند الأكل، والري عند شرب الماء.

ثم قال: قد أجمع المسلمون على أنه ليس في السحر ما يفعل الله عنده من إنزال الجراد، والقمل، والضفادع وفلق البحر، وقلب العصا، وإحياء الموتى، وإنطاق العجماء، وأمثال ذلك من عظيم آيات الرسل عليهم السلام، فهذا ونحوه مما يجب القطع بأنه لا يكون ولا يفعله الله عند إرادة الساحر.

وقال أبو حيان: واختلف في حقيقة السحر على أقوال:

الأول: أنه قلب الأعيان واختراعها بما يشبه المعجزات والكرامات كالطيران، وقطع المسافات في ليلة.

الثاني: أنه خدع وتمويهات وشعوذة لا حقيقة لها وهو قول المعتزلة.

الثالث: أنه أمر يأخذ بالعين على جهة الحيلة، كما كان فعل سحرة فرعون حيث كانت حبالهم وعصيهم مملوءة زئبقا، فجروا تحتها نارا فحميت الحبال والعصي فتحركت وسعت.

الرابع: أنه نوع من خدمة الجن والاستعانة بهم، وهم الذين استخرجوه من جنس لطيف فلطف ودق وخفي.

الخامس: أنه مركب من أجسام تجمع وتحرق، ويتلى عليها أسماء وعزائم، ثم تستعمل في أمور السحر.

السادس: أن أصله طلسمات تبنى على تأثير خصائص الكواكب، أو استخدام الشياطين لتسهيل ما عسر.

Unknown page