304

Al-Tafsīr waʾl-mufassirūn

التفسير والمفسرون

Publisher

مكتبة وهبة

Publisher Location

القاهرة

Genres

سورة النمل: ﴿قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بالله لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ .. يتعقب الزمخشرى فى تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ .. ثم يصفه بقوله: "وهذا الرجل وإن كان أُوتِىَ من علم القرآن أوفر حظ، وجمع بين اختراع المعنى وبراعة اللفظ، ففى كتابه فى التفسير أشياء منتقدة، وكنت قريبًا من تسطير هذه الأحرف قد نظمت قصيدًا فى شغل الإنسان بكتاب الله، واستطردت إلى مدح كتاب الزمخشرى، فذكرت أشياء من محاسنه، ثم نبهت على ما فيه مما يجب تجنبه، ورأيت إثبات ذلك هنا لينتفع بذلك مَن يقف على كتابى هذا، ويتنبه على ما تضمنه من القبائح، فقلت بعد ذكر ما مدحته به:
ولكنه فيه مجال لناقد ... وزلات سوء قد أخذن المخانقا
فيثبت موضوع الأحاديث جاهلًا ... ويعزو إلى المعصوم ما ليس لائقا
ويشم أعلام الأئمة ضلة ... ولا سيما إن أولجوه المضايقا
ويُسهب فى المعنى الوجيز دلالة ... بتكثير ألفاظ تسمى الشقاشقا
يُقوِّل فيها الله ما ليس قائلا ... وكان محبًا فى الخطابة وامقا
ويخطئ فى تركيبه لكلامه ... فليس لما قد ركَّبوه موافقا
وينسب إبداء المعانى لنفسه ... ليُوهم أغمارًا وإن كان سارقا
ويخطئ فى فهم القرآن لأنه ... يُجَوِّز إعرابًا أبى أن يطابقا
وكم بين مَن يؤتى البيان سليقة ... وآخر عاناه فما هو لاحقا
ويحتال للألفاظ حتى يديرها ... لمذهب سوء فيه أصبح مارقا
فيا خسره شيخ تخرَّق صيته ... مغارب تخريق الصبا ومشارقا
لئن لم تداركه من الله رحمة ... لسوف يُرى للكافرين مرافقا"
وأحسب أن القارئ لا يفوته أن يدرك ما فى الوصف من قسوة على الزمخشرى، وما فيه من اتهامه بقِلَّة بضاعته فى البيان والعربية، مع أنه سلطان هذه الطريقة فى التفسير غير مدافع.
*
* مقالة ابن خلدون:
وهذا هو العلاَّمة ابن خلدون، نجده عندما تكلم عن القسم الثانى من التفسير وهو ما يرجع إلى اللسان، من معرفة اللغة والإعراب والبلاغة فى تأدية المعنى بحسب المقاصد والأساليب. يقول: "ومن أحسن ما اشتمل عليه هذا الفن من التفاسير كتاب الكشاف للزمخشرى من أهل خوارزم العراق، إلا أن مؤلِّفه من أهل الاعتزال فى

1 / 310