157

Tafsir al-Uthaymin: Ghafir

تفسير العثيمين: غافر

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٧ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

الوحيَ من قول الله ﷿، يَقول: فيَسمَع جِبريلُ، ثُم يَنزِل به إلى مَن شاء الله ﷾. وقوله تعالى: ﴿عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾، ولم يُبيِّن مَن هؤلاءِ، ولكننا نَعلَم أنَّهم الأنبياء؛ لأنهم هم الذين يُلقَى إليهم الوَحيُ، سواءٌ كانوا رسُلًا أم غير رُسُل، ثُم إنَّ قوله: ﴿عَلَى مَنْ يَشَاءُ﴾ إطلاق المَشيئة في كل مَوضِع جاءَت في القُرآن مُقيَّد بالحِكْمة، كلَّما رأَيْت الله يَقول: يَشاء، فإنَّه مَشيئة مَقرونة بالحِكْمة؛ لقوله تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [التكوير: ٢٨ - ٢٩]؛ ولقوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان: ٣٠]، وهؤلاء الذين يَشاء الله تعالى أن يُلقِيَ عليهم الرُّوحَ بيَّنَهم في قوله: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٤]. وقوله: ﴿مِنْ عِبَادِهِ﴾ المُراد بالعِباد هنا: العُبودية الخاصَّة، وهمُ الذين آمَنوا بالله ﷿، بل ما هو أخَصُّ وهم الرُّسُل. قوله: ﴿لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ﴾ قال المفَسِّر ﵀: [﴿لِيُنْذِرَ﴾ يُخوِّف المُلقَى عليه الناس] واللام هنا للتَّعليل، والإنذار هو: الإعلام المَقرون بالتَّخويف، ولهذا قال المفَسِّر ﵀: [ليُخوِّف] تَفسيرًا بلازِمه، وإلَّا فإن الإنذار إعلام مَقرون بتَخويف، وقوله ﵀: [المُلقَى عليه الناس] أَفادَنا المفَسِّر ﵀ أن فاعِل (يُنذِر) هو المُلقَى عليه وهو الرسول، ولا شَكَّ أنَّه هو المُنذِر مُباشَرة، ويُحتَمَل أنَّ الفاعِل يَعود على فاعِل ﴿يُلْقِي الرُّوحَ﴾ وهو الله ﷿، أي: ليُنذِر الله، والحِكْمة من عدَم ذِكْر الفاعِل - والله أَعلَمُ - ليَصلُح الفِعْل للأَمْرين؛ أي: ليَكون صالِحًا لأنَّ يَعود الإنذار إلى الله،

1 / 161