156

Tafsir al-Uthaymin: Ghafir

تفسير العثيمين: غافر

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٧ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

لأنه مِمَّن لا يَرَوْن ذلك أنَّه عالٍ بذاته، فلهذا حرَّف القُرآن إلى أحَدِ هذين المَعنَيَين، وكِلاهما باطِل. والصوابُ: أنَّه سُبحانَه رفيعُ الدرجات، ويَدُلُّ لهذا ويُعيِّنه قوله: ﴿ذُو الْعَرْشِ﴾؛ أي: صاحِب العَرْش، والعَرْش هو أعلى المَخلوقات، فكأنَّه قال: رَفيع الدرَجات فوق العَرْش، وهذا هو المُتعَيِّن. وقول المفَسِّر ﵀: [﴿ذُو الْعَرْشِ﴾: خالِقه] فيه أيضًا إشارة إلى إنكار الاستِواء؛ لأنَّ مَعنى ﴿ذُو الْعَرْشِ﴾؛ أي: صاحِبه المُستَوِي عليه، هذا هو المَعنى؛ ولهذا لا يُقال: ذو الأرض، ولا ذو السَّماء، ولا ذو الجِبال، ولا ذو السَّحاب، مع أنَّه خالِقها، فتَفسيره ﴿ذُو الْعَرْشِ﴾ بخالِقه لا شَكَّ أنَّه تَحريف للكَلِم عن مَواضِعه فِرارًا من إثبات الاستِواء على العَرْش. وتَفسير الآية المُتعَيِّن أن نَقول: إنه رفيعُ الدرَجات؛ أي: هو نَفْسه ﷿ مُرتَفِع، بل رفيع الدرَجات أتَى بالصِّفة المُشبَّهة الدالة على الثبوت والدوام، والدرَجات من الدرَجات المعروفة؛ أي: ما كان بعضُه فوقَ بعض حتى يَصِل إلى الغاية، وأمَّا ﴿ذُو الْعَرْشِ﴾ فمَعناه صاحِب العَرْش المُختَصُّ بالاستِواء عليه، هذا هو المُتعَيِّن من الآية. قال المفَسِّر ﵀: [﴿يُلْقِي الرُّوحَ﴾ الوَحيَ ﴿مِنْ أَمْرِهِ﴾؛ أي: قوله ﴿عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾] إلى آخِره. ﴿يُلْقِي الرُّوحَ﴾ الرُّوح: الوَحيُ؛ لقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ [الشورى: ٥٢] وسَمَّى الله تعالى الوَحيَ رُوحًا؛ لأنَّ به حَياة القُلوب، وقوله ﵀: [﴿مِنْ أَمْرِهِ﴾ أي: قوله] وهذا جيِّد، هذا التَّفسير يَعنِي أن

1 / 160