277

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Qaṣaṣ

تفسير العثيمين: القصص

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

مُساويًا، بل جعلتَ للَّه مشاركًا نازِلا عَنْ عِلم اللَّه، فَاللَّهُ أَعلَم.
لَكن إِذَا قلت: إِنَّ اللَّهَ عالم، جعلتَ للَّه عِلْمًا قد يُساويه غَيرُه فيهِ.
فالصَّواب أَنَّ ﴿أَعْلَمُ﴾ اسمُ تفضيلٍ، وأنها عَلَى بَابِهَا.
وقوله: ﴿أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ فِعْلًا، أو بِمَنْ يَستَحِقُّ أَنْ يَكونَ مِنَ المهتَدينَ، إذَا قلنَا: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ أو بِمَن هُوَ قابِلٌ للهداية؛ لأَنَّ الكَلَامَ الآنَ عَلَى إنشاء الهداية في قَلب المَرْءِ.
وقوله: ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ ليس معناه: الَّذينَ اهتَدَوا، بَل مَعنَاه: أَعلَم بمَن يَستَحقُّ أَنْ يَقْبَلَ الهُدى، ولهذا فَسَّرَهُ بعضُهم بالمهتدين في عِلم اللَّه، أي: مَن عَلِمَ اللَّهُ أنهم سيكونون مهتدين.
فعلى كُلّ حَالٍ: المهتدي معناه: مَن كَانَ قابِلًا للهِداية، ومعناه: مَن اهتدى بالفِعل، وَالمرَاد بالآية الأول، يعني: أَعلَم بِمَن يَقْبَل الهداية، فيهديه.
والجمع بَينَ هَذِهِ الآيَةِ، وَبَينَ الآيَة الَّتي أَشَرنَا إلَيهَا قَبلَ قليل، ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أَنَّ المُثْبَتَ غيرُ المنفي، فالمراد مِن قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ هداية الدَّلَالة، كَقَولِه ﵎: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧]، هديناهم معناه: دَلَلْنَاهم عَلَى الهُدَى، ولكنهم استَحَبُّوا العمى عَلَيه، فَلَم يَهْتَدُوا، وأَمَّا الهداية هنا، فهي هدايةُ التوفيق، وهذه لَيسَت لأَحَد، مَا هيَ إلَّا للَّه ﷾.

1 / 281