مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥]، فلولا هَذَا الأَمر أَنْ يُصابوا بكفرهم وذُنوبهم، ثم يحتجُّوا على ربهم بأَنَّه لَم يُرسِل إلَيْهِم رسولًا.
وجواب (لولا) -كَمَا قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [وَجَوَابُ (لَوْلَا) مَحْذُوفٌ، وَمَا بَعْدَهَا مُبْتَدَأٌ]، يعني: والخبر محذوف معروف، [وَالمَعْنَى: لَوْلَا الإِصَابَةُ المُسَبَّبُ عَنْهَا قَوْلُهُمْ، أَوْ لَوْلَا قَوْلهمُ المُسَبَّبُ عَنْهَا لَعَاجَلْنَاهُمْ بِالعُقُوبَةِ، أَوْ وَلمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا].
وكأنَّ المُفَسِّر ﵀ جعل الجوابَ مُرَكَّبًا مِن إثباتٍ ونَفْيٍ، فالإثبات قولُه: لَعاجَلْناهُم بالعُقوبة، والنفي: ولمَا أرسلناك إلَيْهِم؛ لأَنَّ اللَّهَ ذَكَر أمرين: الإصابة، وقولهم: ﴿لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا﴾، فكان الجواب أيضًا مُركَّبًا مِن أمرين، وَيَجوز أَنْ يَكونَ الجوابُ مُرَكَّبًا مِن أحد الأمرين، أي: لَعَاقَبْنَاهُم، أو لمَا أرسلناك إلَيْهِم؛ لأن المعنى يَتِمُّ دُونَ تقدير الأمرين جميعًا.
وَعَلَى هَذَا، فتكون (الواو) هنا -في كَلَام المُفَسِّر ﵀ بمعنى (أو).
وأظنّ أن الآيةَ معناها واضحٌ مِن حَيْثُ الإجمالُ: أنَّه لَولَا أَنَّ هَؤلَاء الكفَّار المستحقّين للعُقوبة بسبب كُفرهم أن يحتجُّوا بأَنَّه لَم يُرْسَل إلَيْهِم رسولٌ لَعَاقَبْنَاهُم دُونَ أَنْ نُرْسِلَك، أو لمَا أرسلناك إلَيْهِم، فيكون إرسال النَّبيّ ﵊ إقامةً للحُجَّة عليهم، ودفعًا لحُجَّتِهم، ودَحْضًا لها.
فكأن النَّبيّ ﷺ الآن أُرسل إلَيْهِم قَبلَ أَنْ يؤخَذوا بالعقوبة، وهذا يقتضي أنَّهم إذا كَذَّبوه كانوا مستحقين للعقوبة؛ لأن الحُجةَ التي يحتجّون بها قد زالت.
فما فهمناه مِن كلام المُفَسِّر ﵀ أن ﴿لَوْلَا﴾ الأولى شَرطية، وهي حرف