Tafsir Al-Uthaymeen: Stories
تفسير العثيمين: القصص
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
لا بِشَرْعِه؛ فأصلُ الإنزال قَدَرِيٌّ يتعلق بمَشيئَة اللَّه وقَدَرِه، لكن العَمَل به شرعي.
وقوله تعالى: ﴿آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾: ﴿مُوسَى﴾ مفعولٌ أَوَّل لـ ﴿آتَيْنَا﴾، و﴿الْكِتَابَ﴾ مفعولٌ ثانٍ، وهو مِن باب (كَسَا)؛ فكُلُّ مفعولَين لا يصح أَنْ يَكونَ أحدُهما مبتدأ والثَّاني خبرًا، فهُما مِن بَاب (كسا)، وما صَحَّ أن يكونا مبتدأ وخبرًا، فَهُمَا مِن بَاب (ظن)، وقوله: ﴿الْكِتَابَ﴾ يقول المُفَسِّرُ ﵀: [التَّوْرَاةَ]، وهو فِعَال بمعنى: مَفعول؛ لأنَّ التَّوراةَ مَكتوبَة، كتبها اللَّهُ تعالى في ألواح وأعطاها موسى.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى﴾ متعلق بـ ﴿آتَيْنَا﴾، أي: أعطيناه إيَّاه مِن بَعد ما أهلكنا القرون الأُولى، والقُرون جمعُ: قَرْن، والمراد بهم الأمم، وقد يُرَادُ به الفترة مِن الزَّمَن، ومقدارها مائة سَنة، فالقُرون تارَةً يُراد بها الأمم، وتارَةً يُرادُ بها أحقابُ الزَّمَن، وهنا المراد الأمم؛ لأن أحقابَ الزَّمَن لا تُهْلَكُ، الذي يُهْلَكُ هو الأمم.
وقوله تعالى: ﴿الْقُرُونَ الْأُولَى﴾ قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودُ وَغَيْرُهُمْ]، هؤُلاءِ هُم القُرون الأُولى، وَإنَّمَا قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى﴾؛ إشَارَة إلَى أنَّ النَّاس كانوا في حاجة إلى مِثل هَذَا الكتَاب الذي نَزَل عَلَى موسَى؛ لأن القُرون أُهْلِكَت، وتطاول الزَّمَن فاحتاج النَّاس إلى رسالة، فأرسل اللَّهُ تعالى موسى بهذا الكتاب، الَّذي هُوَ التَّوراة.
وقيل: إنَّ القُرون الأُولى تشمل حتَّى آل فرعَونَ؛ لأن التَّوراة ما نزلت عَلَى موسَى إلَّا بَعدَ أَن أهلك اللَّهُ القَرن -فرعَونَ وَقَومه- وأنه يشمل حتى هؤُلاءِ، حَتَّى إنَّ بَعض العلَمَاء استنبط منها أَنَّه لَم تُهْلَكْ أُمَّةٌ بَعدَ نزول التَّوراة، وأنَّ هذا مِن فوائد
1 / 207