Tafsīr al-ʿUthaymīn: Sabaʾ
تفسير العثيمين: سبأ
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
فتَجِدهم يَدْعون إلى أَسافِل الأخلاق، يَدْعون بالقَلْم وبالصورة، فيُصوِّرون النِّساء الفاتِنات وعلى صِفة مُزرِية -والعِياذُ بالله تعالى-، وَيكتُبون أيضًا بالدَّعْوة إلى ذلك، وهذا الأمرُ يَمَسُّ العقيدة في الواقِع، وليس قاصِرًا على البدَن فقط؛ لأنَّ الإنسان إذا أَصبَح بَهيميًّا ليس له إلَاّ إِشْباعُ بَطْنه، وإشباعُ غَريزته؛ فإنه يَبقَى لا صِلةَ له بالله، أهمُّ شيءٍ عنده هذا الذي انغَمَس فيه من الشَّهَوات واللهوات، فتَجِده يُعرِض عن دِين الله ولا يَهتَمُّ به.
ولذلك مِن أَضَرِّ ما يَكون على البِلاد الإِسلامية بعد بثِّ السُّموم الفِكْرية بثُّ السُّموم الشَّهْوانية؛ لأن الشَّهْوانية هذه يَميل إليها الإنسان بفِطْرته التي تمُلِيها عليه نَفْسُه الأمَّارة بالسُّوء، فيَدخُل فيها مُكرَهًا فإذا انغمَسَ -نَسأَل الله تعالى العافِيَة- فيها فإنه يَقِلُّ أن يَنتَشِل نفسه منها.
فالمُهِمُّ: أنَّ الذين كفَروا يَسْعَوْن سَعيًا حَثيثًا في إبطال آيات الله تعالى أن تُنشَر، أو أن يُعمَل بها أو أن يَتَّجِهَ الناس إليها، بكل ما يَستَطيعون من قُوَّة؛ إمَّا بالصِّراع المُسلَّح، وإمَّا ببَثِّ الأفكار المُشكِّكة المُشبِهة، وإمَّا ببَثِّ الشَّهَوات حتى يُعرِض الناس عن دِينهم.
وقول المُفَسِّر ﵀: [﴿آيَاتِنَا﴾: الْقُرْآن] والصواب: أنَّ آياتِنا هنا أَعَمُّ من القُرْآن؛ لأنَّ الساعين في آيات الله تعالى لَيْسوا هم من هذه الأُمَّة فقَطْ، حتى في الأُمَم السابِقة فإنَّ فيهم مَن يَسعَى في آيات الله تعالى، فمثَلًا فِرْعون يُهدِّد قومَه يَقول: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨]؛ ويَحُثُّهم على أن يَكفُروا بموسى ﵊، وغير ذلك أيضًا من الأُمَم الآخَرين كُلُّهم يَسْعَوْن في آيات الله في إِبْطالها وصدِّ الناس عنها.
1 / 52