117

Tafsir Al-Uthaymeen: Luqman

تفسير العثيمين: لقمان

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

ويَدْخُل فيه الإِتْمَام أيضًا. فالمُهِمُّ: أنَّ الإسْبَاغ يَتَنَاوَل شَيْئَيْن: الأوَّل: إِتْمَام الشَيْء، والثاني: تَوْفيره، والنِّعَم التي أَنعَمَ اللَّهُ تعالى بها عَليْنَا شَامِلَةٌ لِلْأَمْرَيْن، فَهِي وَاسِعَة، قال ﷾: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤]، وهي أيضًا تامَّة، ليس فيها نَقْص، كُلُّ ما يَحتاجُه الإنسان في حياتِه، بل وكُلُّ ما يَحتاجُه في دِييه فإنَّ اللَّهَ تعالى قد أَتَمَّه، والحَمْدُ للَّه تعالى. وقولُه ﷿: ﴿ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ فسَّر المُفَسِّر ﵀ ﴿ظَاهِرَةً﴾ بأنها الحِسّيَّة الظَّاهِرة، والبَاطِنَة هي المَعرِفَة وغيرُها، فالنِّعَم جعَلَها اللَّهُ تعالى ظَاهِرَةً وَبَاطِنَة: ظَاهِرَة للعَيَان، وذكَرَ المُفَسِّر ﵀ مِن أَمْثِلَتِها حُسْنَ الصُّورَة واسْتِقَامَةَ الخَلْق وما أَشبَه ذلك، والباطِنَة يَقول المُفَسِّر ﵀: [هي المَعْرِفة]؛ لأنَّها في القَلْب غيرُ مَعْلُومة، وهذا لا شَكَّ أنَّه تَفْسِير نَاقِصٌ جِدًّا. وأمَّا الظاهِرَة فالصَّوَاب أنَّها أَعَمُّ مِن ذلك فالنِّعَم إمَّا ظَاهِرَةٌ لِكُلِّ أَحَد، وإمَّا باطِنَة لا يَعلَمُهَا إلَّا الإِنْسَان، هذا واحِد. وإمَّا ظَاهِرَة أيضًا بحيث كُلٌّ يَعْرَف أنها نِعْمَة، وباطِنة بحيث لا يُرَى أنَّها نِعْمَة إلَّا مِن آثارِها؛ لأن بَعْض الأشيَاء حين وُجُودِها لا تَظُنُّ أنَّها نِعْمَة، لكن إذا عَرَفْتَ آثَارَها وجَدْتَ أنَّها نِعْمَة، ومنه قولُه تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٦]، فإنَّ الإنسان أحيانًا يُصيبُه ما يُصِيبُه مِن قَضَاءِ اللَّه تعالى وقَدَرِه فلا يَرَى أنَّه نِعْمَة حتَّى يَعْرِف آثَارَهَا فِيما بَعْدُ. والمُهِمُّ: أنَّ النِّعَم -والحمدُ للَّه- ظَاهِرة بَيِّنَة لِلعِيَان، وعَامَّة شَامِلَة لِلخَلْق، وشيءٌ باطِنٌ لا يَعرِفُه إلَّا مَن أَنعَمَ اللَّهُ تعالى به علَيه، وأيضًا هناك شيءٌ ظَاهِر وَاضِح

1 / 121