Tafsir Al-Uthaymeen: Juz' Amma

Muhammad ibn Salih al-Uthaymeen d. 1421 AH
79

Tafsir Al-Uthaymeen: Juz' Amma

تفسير العثيمين: جزء عم

Publisher

دار الثريا للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Publisher Location

الرياض

Genres

الاستقامة انحرافان: انحراف إلى جانب الإفراط والغلو، وانحراف إلى جانب التفريط والتقصير، ولهذا كان الناس في دين الله ﷿ ثلاثة أشكال: طرفان ووسط، طرف غالٍ مبالغ متنطع متعنت، وطرف آخر مفرّط مقصّر مهمل. الثالث: وسط بين الإفراط والتفريط، مستقيم على دين الله هذا هو الذي يُحمَد. أما الأول الغالي، والثاني الجافي فكلاهما هالك.. هالك بحسب ما عنده من الغلو، أو من التقصير، وقد نهى النبي ﵊ عن الغلو والإفراط والتعنت والتنطع حتى إنه قال: «هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون»، لأن التنطع فيه إشقاق على النفس وفيه خروج عن دين الله ﷿، كما أنه ذمّ المفرطين المهملين وقال في وصف المنافقين: ﴿وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى﴾ [النساء: ١٤٢] . فدين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، ولهذا قال هنا: ﴿لمن شاء منكم أن يستقيم﴾ لا يميل يمينًا ولا شمالًا، يكون سيره سير استقامة على دين الله ﷿ والاستقامة كما تكون في معاملة الخالق ﷿ وهي العبادة تكون أيضًا في معاملة المخلوق، فكن مع الناس بين طرفين، بين طرفي الشدة والغلظة والعبوس، وطرف التراخي والتهاون وبذل النفس وانحطاط الرتبة، كن حازمًا من وجه، ولينا من وجه، ولهذا قال الفقهاء ﵏ في القاضي: «ينبغي أن يكون لينًا من غير ضعف، قويًّا من غير عنف» . فلا يكون لينه يشطح به إلى الضعف، ولا قوته إلى العنف، يكون بين ذلك، لينًا من غير ضعف، قويًّا من غير عنف حتى تستقيم الأمور، فبعض الناس مثلًا يعامل الناس دائمًا بالعبوس والشدة وإشعار نفسه بأنه فوق الناس وأن الناس تحته، وهذا خطأ،

1 / 85