Tafsir Al-Uthaymeen: Juz' Amma
تفسير العثيمين: جزء عم
Publisher
دار الثريا للنشر والتوزيع
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
Publisher Location
الرياض
Genres
فهذه الأوصاف كلها أوصاف للملائكة على حسب أعمالهم، وأقسم الله ﷾ بالملائكة لأنهم من خير المخلوقات، ولا يقسم الله ﷾ بشيء إلا وله شأن عظيم إما في ذاته، وإما لكونه من آيات الله ﷿. ثم قال تعالى: ﴿يوم ترجف الراجفة. تتبعها الرادفة﴾ هذه ﴿يوم ترجف﴾ متعلقة بمحذوف والتقدير أذكر يا محمد وذكّر الناس بهذا اليوم العظيم: ﴿يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة﴾، وهما النفختان في الصور، النفخة الأولى ترجف الناس ويفزعون ثم يموتون عن آخرهم إلا من شاءالله، والنفخة الثانية يبعثون من قبورهم فيقوم الناس من قبورهم مرة واحدة، قال الله تعالى: ﴿فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة﴾ [النازعات:: ١٣، ١٤] . إذا رجفت الراجفة وتبعتها الرادفة انقسم الناس إلى قسمين: ﴿قلوب يومئذ واجفة. أبصارها خاشعة. يقولون إنا لمردودون في الحافرة.
أإذا كنا عظامًا نخرة قالوا تلك إذًا كرة خاسرة﴾ وهذه قلوب الكفار ﴿واجفة﴾ أي: خائفة خوفًا شديدًا. ﴿أبصارها خاشعة﴾ يعني ذليلة لا تكاد تحدق أو تنظر بقوة ولكنه قد غضت أبصارهم - والعياذ بالله - لذلهم قال الله تعالى: ﴿وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي﴾ [الشورى: ٤٥] . وأما القسم الثاني فقلوبهم على عكس قلوب هؤلاء ويدل لهذا التقسيم قوله: ﴿قلوب يومئذ﴾ بصيغة النكرة، فيكون المعنى: وقلوب على عكس ذلك، ﴿فإنما هي زجرة واحدة. فإذا هم بالساهرة﴾ زجرة من الله ﷿ يزجرون ويصاح بهم فيقومون من قبورهم قيام رجل واحد على ظهر الأرض بعد أن كانوا في بطنها قال الله ﵎: ﴿إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون﴾ [يس: ٥٣] . كل الخلق في هذه الكلمة الواحدة يخرجون من قبورهم أحياء، ثم يحضرون إلى الله ﷿ ليجازيهم، ولهذا قال: ﴿فإنما هي زجرة واحدة. فإذا هم بالساهرة﴾ وهذا كقوله تعالى: ﴿وما أمرنا إلا
1 / 42