Tafsīr al-ʿUthaymīn: Juzʾ ʿAmma
تفسير العثيمين: جزء عم
Publisher
دار الثريا للنشر والتوزيع
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
Publisher Location
الرياض
Genres
وهو سرعة المشي والانطلاق، وقوله: ﴿ضبحًا﴾ الضبح ما يسمع من أجواف الخيل حين تعدوا بسرعة، يكون لها صوت يخرج من صدورها، وهذا يدل على قوة سعيها وشدته. ﴿فالموريات قدحًا﴾ الموريات من أورى أو وري بمعنى قدح، ويعني بذلك قدح النار حينما يضرب الأحجار بعضها بعضًا، كما هو مشهور عندنا في حجر المرو، فإنك إذا ضربت بعضه ببعض انقدح، هذه الخيل لقوة سعيها وشدته، وضربها الأرض، إذا ضربت الحجر ضرب الحجر الحجر الثاني ثم يقدح نارًا، وذلك لقوتها وقوة سعيها وضربها الأرض. ﴿فالمغيرات صبحًا﴾ أي التي تغير على عدوها في الصباح، وهذا أحسن ما يكون في الإغارة على العدو أن يكون في الصباح لأنه في غفلة ونوم، وحتى لو استيقظ من الغارة فسوف يكون على كسل وعلى إعياء، فاختار الله ﷿ للقسم بهذه الخيول أحسن وقت للإغارة وهو الصباح، وكان النبي ﷺ لا يغير على قوم في الليل بل ينتظر فإذا أصبح إن سمع آذانًا كف وإلا أغار (^١) . ﴿فأثرن به﴾ أي أثرن بهذا العدو، وهذه الإغارة ﴿نقعًا﴾ وهو الغبار الذي يثور من شدة السعي، فإن الخيل إذا سعت إذا اشتد عدوها في الأرض، وصار لها غبار من الكر والفر.
﴿فوسطن به﴾ أي توسطن بهذا الغبار ﴿جمعًا﴾ أي جموعًا من الأعداء أي أنها ليس لها غاية، ولا تنتهي غايتها إلا وسط الأعداء، وهذه غاية ما يكون من منافع الخيل، مع أن الخيل كلها خير، كما قال النبي ﷺ: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» (^٢) . أقسم الله تعالى بهذه العاديات - بهذه الخيل التي بلغت الغاية - وهو الإغارة على العدو وتوسط العدو، من غير
(^١) أخرجه البخاري كتاب الآذان باب ما يحقن الآذان من الدماء (٦١٠) .
(^٢) أخرجه البخاري كتاب الجهاد باب ما الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (٢٨٥٠) . ومسلم كتاب الأمارة باب فضيلة الخيل وأن الخير معقود بنواصيها..
1 / 292