191

Tafsir Al-Uthaymeen: Juz' Amma

تفسير العثيمين: جزء عم

Publisher

دار الثريا للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Publisher Location

الرياض

Genres

فأهانني ولم يرزقني كما رزق فلانًا، ولم يكرمني كما أكرم فلانًا، فصار عند الرخاء لا يشكر، يعجب بنفسه ويقول هذا حق لي، وعند الشدة لا يصبر بل يعترض على ربه ويقول ﴿ربي أهانن﴾ وهذا حال الإنسان باعتباره إنسانًا، أما المؤمن فليس كذلك، المؤمن إذا أكرمه الله ونعّمه شكر ربه على ذلك، ورأى أن هذا فضل من الله ﷿ وإحسان، وليس من باب الإكرام الذي يقدم لصاحبه على أنه مستحق، وإذا ابتلاه الله ﷿ وقدر عليه رزقه صبر واحتسب، وقال هذا بذنبي، والرب ﷿ لم يهني ولم يظلمني، فيكون صابرًا عند البلاء، شاكرًا عند الرخاء، وفي الآيتين إشارة إلى أنه يجب على الإنسان أن يتبصر فيقول مثلًا: لماذا أعطاني الله المال؟ ماذا يريد مني؟ يريد مني أن أشكر. لماذا ابتلاني الله بالفقر، بالمرض وما أشبه ذلك؟ يريد مني أن أصبر. فليكن محاسبًا لنفسه حتى لا يكون مثل حال الإنسان المبنية على الجهل والظلم ولهذا قال تعالى: ﴿كلا﴾ يعني لم يعطك ما أعطاك إكرامًا لك لأنك مستحق ولكنه تفضل منه، ولم يهنك حين قدر عليك رزقه، بل هذا مقتضى حكمته وعدله.
ثم قال تعالى: ﴿بل لا تكرمون اليتيم﴾ يعني أنتم إذا أكرمكم الله ﷿ بالنعم لا تعطفون على المستحقين للإكرام وهم اليتامى، فاليتيم هنا اسم جنس، ليس المراد يتيمًا واحدًا بل جنس اليتامى، واليتيم قال العلماء: هو الذي مات أبوه قبل بلوغه من ذكر أو أنثى، وأما من ماتت أمه فليس بيتيم، وقوله تعالى: ﴿اليتيم﴾ يشمل الفقير من اليتامى، والغني من اليتامى لأنه ينبغي الإحسان إليه وإكرامه لأنه انكسر قلبه بفقد أبيه ومن يقوم بمصالحه، فأوصى الله تعالى به حتى يزول هذا الكسر الذي أصابه. ﴿ولا تحاضون على طعام المسكين﴾ يعني لا يحض بعضكم بعضًا على أن يطعم المسكين، وإذا كان لا يحض غيره

1 / 197