الآية (٢٩)
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٢٩].
قوله تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا﴾ لما قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾ [الزمر: ٢٧]، فبيَّن الله ﷿ هذا المَثَلَ العَظيم، فقال تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ﴾ أي: مُتَنازِعون مُختَلِفون كل واحِدٍ منهم يَقول: أنا صاحِبه، أنا الذي أُريد أن أَستَخْدِمه. وما أَشبَه ذلك، فهُم دائِمًا في نِزاع وفي خُصومة؛ لأن كل واحدٍ منهم يُريد أن يَنفَرِد به عن الآخَر.
والرجُل الثاني: ﴿وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ﴾: ﴿سَلَمًا﴾ أي: سالِمًا لهذا الرجُلِ لا يَشرَكه فيه أحَدٌ.
فإن قال قائِل: بِمَ عرَفْتم أن ﴿سَلَمًا﴾ بمَعنَى: سالِمًا من الشُّرَكاء؟
قُلنا: عرَفْنا ذلك بذِكْر المُقابِل، وهو قوله تعالى: ﴿فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ﴾؛ لأن الكلِمة تُعرَف بالسِّياق وبذِكْر المُقابِل، ومن أَبرَز مِثالٍ على ذلك قوله ﵎: ﴿فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ [النساء: ٧١].