Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf
تفسير العثيمين: الزخرف
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
وقَد أَحبَبْتُ أَنْ أُنبِّهَ عَلَى هَذَا لأنَّهُ رُبَّما تَشِيعُ؛ لأنَّ الَّذِي سأَلَنِي عنْهَا يُريدُ أن يَطْبعَ منهَا الملَايينَ ويوزِّعها عَلَى النَّاسِ، وَيقُولُ: انْظُروا إلى القُرآنِ الكَريمِ. فنَقُولُ: هَذَا غلَطٌ، فالقُرآنُ مَا نَزَلَ لهَذَا المَعْنَى، ولَا يُمكِنُ أَنْ يُرادَ بِهِ هَذَا المَعْنَى، فانْتَبِهُوا لمِثْلِ هَذه الأُمُورِ الَّتِي تُنشَرُ، فقَدْ تَكُونُ مِنْ مُلحِدٍ كَافِرٍ أَوْ فَاسقٍ فَاجِرٍ يُرِيدُ بِهَا صَدَّ النَّاسِ عَنِ المَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ نَزَلَ القُرآنُ.
فإِنْ قَال قَائِلٌ: هَلْ يجوزُ تَفسِيرُ القُرآنِ بِمَا يُعرَفُ بالإعْجَازِ العِلميِّ مِنَ القُرآنِ والسُّنَّةِ؟
فالجَوابُ: الإعجَازُ العِلمِيُّ نوعَانِ: نَوْعٌ دَلَّ عَلَيهِ القُرآنُ وأَشَارَ إِلَيهِ، هَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، وهُوَ مِنْ تَفْسِيرِ القُرآنِ، ونَوْعٌ لَا يَدُلُّ عَلَيهِ القُرَآنُ، وإِنَّما يُؤخَذُ مِنْهُ بتكلُّف، ورُبَّما لَا يَدُلُّ علَيهِ أَصْلًا، فهَذَا لَا يجوزُ تفسِيرُ القُرآنُ بِهِ، مِثَالُ الثَّانِي قَال اللهُ ﷾: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إلا بِسُلْطَانٍ﴾ [الرحمن: ٣٣] فسَّرهُ بعضُهُم بالعِلْمِ، وطبَّق هَذَا عَلَى الوُصُولِ إِلَى القَمَرِ فهَذَا لَا يَحِلُّ؛ لأَنَّ الْآيَة لَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، الْآيَةُ فِيهَا بيَانُ الحالِ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ ولهَذَا قَال ﴿مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ومَعْلُومٌ أن هؤُلاءِ لَمْ يَنفُذُوا مِنْ أقْطَارِ السَّمواتِ، فالإعْجَازُ العِلميُّ الَّذِي ليسَ فِيهِ تَكلُّف لَا بَأْسَ بِهِ؛ لأَنَّ القُرآنَ وَاسِعٌ.
وممَّا يُنكَرُ أيضًا ممَّا يُقَالُ: الإعجَازُ العِلميُّ؛ مَا يُسمُّونَه بالإعجَازِ العدَديِّ المَبنيِّ عَلَى العدَدِ: تِسعَةَ عَشَرَ، هَذَا أيضًا بَاطِلٌ، ولَا يجوزُ أَنْ يقَال: إنَّ القُرآنَ مُعجِزٌ مِنْ هَذه النَّاحيَةِ.
أوَّلًا: لأَنَّ القِراءَةَ مُخْتَلِفَةٌ، وهُمْ يَقُوُلونَ مَثَلَّا: التَّاءُ تَكرَّرْت كَذَا وكَذَا مَرَّةً إِذًا
1 / 17