Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf
تفسير العثيمين: الزخرف
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
وعَلَى هَذَا نَقُوُل: المُرادُ برَحْمَةِ اللهِ مَا هُوَ أعَمُّ مِنَ النُّبوَّةِ. يَعْنِي: النُّبوَّةَ، وسَعَةَ الرِّزقِ، والأمْنَ، وكثْرَةَ الأولَادِ، ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فهُمْ لَا يَقْسِمُونَ هَذَا.
قَال اللهُ ﷿: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَينَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ وهَذَا دَلِيلٌ حِسِّيٌّ لَا يُمكِنُ إنكَارُه. يَعْنِي: إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ هُمُ الَّذِين يَقْسِمُون رَحْمَةَ اللهِ فلْيَنظُرُوا ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَينَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ أَي: قدَّرْنَاهَا هَذَا غَنيٌّ، وهَذَا فقِيرٌ، وهَذَا مُتوسِّطٌ، هَذَا قَادِرٌ، وهَذَا عَاجِزٌ، وقُريشٌ لَا تُنْكِرُ هَذَا؛ لأَنَّهُ شَيءٌ معلُومٌ مَلمُوسٌ محَسُوسٌ ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَينَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ فجَعَلْنا بعضَهُم غنِيًّا، وبعْضَهُم فقِيرًا، وهَذَا مِثَالٌ، وإلَّا فنَقُولُ: وجعَلْنا بعضَهُم ضَعِيفًا وبعضَهُم قَويًّا، وبعضَهُم قَادِرًا وبعضَهُم عَاجِزًا.
قَال المفسِّر ﵀: [فجَعَلْنا بعضَهُم غَنيًّا، وبعضَهُم فقِيرًا ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ﴾ بالغِنَى ﴿فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾].
قولُه ﵀: [بالغِنَى] ولكِنْ هَذَا أيضًا مِنَ القُصُورِ، والصَّوابُ: أنَّهُ رَفَعَ بعضَهُم فَوْقَ بعْضٍ درجَاتٍ فِي الغِنَى، والعِلْمِ، والعَقْلِ، والخُلُقِ، وغَيرِ ذَلِكَ. رَفَعَ اللهُ بعْضَ النَّاسِ عَلَى بعْضٍ درجَاتٍ. أَي: درَجَاتٍ واسِعَةً.
﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾ قَال المفسِّر ﵀: ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ﴾ الغَنيُّ ﴿بَعْضًا﴾ الفَقِيرَ ﴿سُخْرِيًّا﴾ مُسخَّرًا فِي العَمَلِ لهُمْ بالأُجرَةِ، واليَاءُ للنَّسَبِ، وقُرِئَ بكَسْرِ السِّينِ].
رَفَعَ اللهُ تعالى بعضهُم فَوْقَ بعْضٍ درجَاتٍ ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾ يَقُولُ المفسِّر ﵀: [﴿بَعْضُهُمْ﴾ الأغْنِيَاءُ ﴿بَعْضًا﴾ الفُقَرَاءَ] هَذَا قَاصِرٌ؛ لأَنَّ المُرادَ
1 / 131