الآية (١٠)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [الشورى: ١٠].
* * *
قوله: ﴿مَا﴾ شَرْطيَّةٌ، و﴿اخْتَلَفْتُمْ﴾ فعلُ الشَّرْطِ، ﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ الجملةُ جوابُ الشَّرْطِ، قولَهُ: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ أيُّ شيءٍ يَقَعُ بيْنَ الناسِ من الخلافِ فَمَرَدُّهُ إلى اللهِ ﷿، سواءٌ كان في الأمورِ الدينيَّةِ، أو في الأمورِ الدنيويَّةِ، وسواءٌ كان مع المسلمين مع المؤمنين أو كان مع الكفَّارِ، أيُّ شيءٍ فَحُكْمُهُ إلى اللهِ ﷿ لا أحدَ يُرَدُّ إلى حُكْمِهِ إلا اللهَ.
قال المُفسِّر ﵀: [﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ﴾ مع الكفَّارِ ﴿فِيهِ مِنْ شَيْءٍ﴾]، والصوابُ: أنه أعمُّ، المُفسِّر ﵀ خَصَّه بالكفارِ؛ لاختلافِنا مع الكفارِ، وفي هذا التخصيصِ نظرٌ أيضًا، والصوابُ أنه عامٌّ ما اختلفتم أيُّهَا الناسُ مع الكفارِ، أو فيما بينكم أيُّها المسلمون فَحُكْمُهُ إلى اللهِ.
قال ﵀: [﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ من الدِّينِ وغيرِهِ] الدِّينُ: كلُّ ما يَتَعَبَّدُ به الإنسانُ إلى اللهِ، وغيرُهُ ما ليس كذلك، فحُكْمُهُ إلى اللهِ ﷿ وَحْدَهُ، أي: مَرَدُّ حُكْمِه إلى اللهِ، ولهذا قال ﵀: [﴿فَحُكْمُهُ﴾ مَرْدُودٌ ﴿إِلَى اللَّهِ﴾ يَوْمَ القيامةِ يَفْصِلُ بَيْنَكم] والصوابُ: أنه مردودٌ إلى اللهِ في الدنيا والآخرةِ؛ ويدلُّ لهذا قولُهُ تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩].