إمَّا الإنعامُ، أو إرادةُ الإنعام. وهذا لا شكَّ من ضَلَالهِم وبِدْعِهم وإرجاعِهِم أمورَ الغيبِ إلى ما تقتضيه عقولُهُم القاصرةُ، والحقيقةُ أن هذه العقولَ ليست عقولًا، بل هي أوهامٌ، وإلا فنحن نَعْلَمُ عِلْمَ اليقينِ أن ما جاءت به الشريعةُ لا يمكن أن يخالفَ صريحَ المعقولِ أبدًا، صحيحٌ المنقولُ لا يخالفُ صريحَ المعقولِ أبدًا، ولشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ ﵀ كتابٌ مجلَّداتٌ في بيانِ موافقةِ صريحِ المعقولِ لصحيحِ المنقولِ ويسمى: (دَرْءُ تَعَارُضِ العقلِ والنقلِ).
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن اللهَ تعالى يَمُنُّ على من يشاءُ من عبادِهِ فيُدخلُهُم في رحمتِهِ؛ لقولِهِ: ﴿وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ﴾.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنه ليس في الجنةِ ما يُكَدِّرُ، وجهُ ذلك قولُهُ: ﴿فِي رَحْمَتِهِ﴾ والرحمةُ تستلزمُ حصولَ المطلوبِ والنجاةَ من المرهوبِ؛ ولهذا ينادى أهلُ الجنةِ: أن لهم أن يَصِحُّوا فلا يَسْقَموا، وأن يَشِبُّوا فلا يَهْرَموا، وأن يَحْيَوْا فلا يَمُوتوا، وأيضًا أن نقولَ: وأن يُسَرُّوا فلا يَحْزُنُوا.
جميعُ النعيمِ كاملةً لأهلِ الجنةِ، وليس فيها تنغيصٌ ولا خوفٌ من مرضٍ، ولا خوفٌ من موتٍ، بل إنهم لا ينامون، حتى النومُ لا ينامون من القلقِ والألمِ؟ لا واللهِ، لا ينامون من الفرحِ والسرورِ، حتى تكونَ أوقاتُهُم كلها مستغرقةً في الفرحِ والسرورِ، وعدمُ نومِهِم دليلٌ على كمالِ حياتِهِم؛ لأنَّ النومَ إنما نحتاجُ إليه لنقضِ التعبِ السابقِ واستجدادٍ لقوةٍ لاحقةٍ؛ ولهذا كلما تَعِبَ الإنسانُ احتاج إلى النومِ وإذا نام قام نشيطًا.
إذن نحن محتاجون إلى النوم في الحياة الدنيا؛ لنقصِ حياتِنا، لكن في الآخرةِ لا نقصَ، دائمًا هُمْ في سرورٍ - اللهمَّ اجعلْنا منهم -، دائمًا هم في سرورٍ؛ ولذلك قال: