234

Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Shūrā

تفسير العثيمين: الشورى

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٧ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

الآية (٢٨)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [الشورى: ٢٨].
* * *
قوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾ يُنَزِّلُه من السماءِ، ﴿الْغَيْثَ﴾ أي: ما يَحْصُلُ به الإغاثةُ وهي الإنقاذُ من الشدَّةِ، أما المطرُ فقد يَنْزِلُ ولا تزولُ به الشدَّةُ، دليلُ ذلك قولِ النبيِّ ﷺ: "ليس السَّنَةُ أن لا تُمْطِرَ ولكن السَّنَةَ أن تُمْطِرَ فلا تُنْبِتُ الأرضُ شيئًا" (^١).
﴿مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾ أي: ما قَنَط العبادُ، قال المفسِّرُ ﵀: [﴿الْغَيْثَ﴾ المطرُ، ﴿مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾؛ أي: يَئِسُوا من نزولِهِ]؛ لتأخُّرِه عن وقتِه قالوا: إذن هذا العامُ لا مَطَرَ، فيُنْزلُ اللهُ المطرَ، وإنزالُ المطرِ على حينِ شفقةٍ له وقنوطٍ من نزولِهِ يكونُ أشدَّ وقْعًا في النفوسِ، وأبْيَنَ لرحمةِ الله ﵎ وفَضْلِهِ.
وقولُهُ: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا﴾ بيانٌ للواقِعِ وليس تقريرًا للقنوتِ؛ لأنَّ القنوطَ حُكْمُه الشرعيُّ لا يَجُوزُ، بل هو من كبائرِ الذنوبِ. الإخبارُ بالواقعِ أو عن الواقعِ لا يعني إقرارَهُ، ودليلُ هذا قولُهُ ﷺ: "ليكونَنَّ من أمتي أقوامٌ يستحلُّونَ الحِرَّ والحريرَ

(^١) أخرجه مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في سكنى المدنية وعمارتها قبل الساعة، رقم (٢٩٠٤)، من حديث أبي هريرة ﵁.

1 / 238