Tafsīr al-ʿUthaymīn: al-Shūrā
تفسير العثيمين: الشورى
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٧ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
وعندنا مُرَجِّحٌ على أن المجيبَ هو اللهُ وهو قولُهُ: ﴿وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ ولو كان كذلك لقال: فيزيدُه ويَستجِيبُ الذِين آمَنُوا وعَمِلوا الصالحاتِ فيزيدُهُم. إذا استجابوا، فلما جاء حرفُ العطفِ الذي يقتضي تساويَ المعطوفِ والمعطوفِ عليه لم يصحَّ ما قلتَ، وإلا لقال: ويَستجِيبُ الذِين آمَنُوا وعَمِلوا الصالحاتِ فيزيدُهُم؛ أي: بسببِ استجابتِهِم يزيدُهُم من فضْلِه.
وقوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ آمنوا بقلوبِهِم ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ بجوارحِهم، والإيمانُ والعملُ الصالحُ يُقرنان دائمًا؛ لأنَّ أحدَهُما ملازمٌ للآخَرِ، فكلُّ من آمن حقًّا فسيعملُ الصالحاتِ قطعًا، دليلُ هذه القاعدةِ: قولُ النبيِّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ -: "ألا وإن في الجسدِ مضغةً إذا صَلَحَت صَلَحَ الجسدُ كلُّهُ، وإذا فسدتْ فسَدَ الجسدُ كلُّه" (^١).
إذن: آمنوا بكلِّ ما يجبُ الإيمانُ به، وأركانَ الإيمانِ قال عنها النبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ -: "إنها الإيمانُ باللهِ، وملائكتِه، وكتُبِه، ورسُلِه، واليومِ الآخِرِ، والقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ" (^٢).
وقوله: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ الصالحاتُ: هذه صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ، والتقديرُ: الأعمالُ الصالحاتُ. فما ضابطُ العملِ الصالحِ؟ ضابطُ العملِ الصالحِ: أن يكونَ خالصًا للهِ، موافقًا لشريعةِ الله؛ هذا يقعُ في أمةِ محمدٍ ﵊ لكن هل يقعُ في الأممِ السابقةِ؟ الجوابُ: نعم، حين كانت شرائعُهُم قائمةً يقعُ منهم الإيمانُ والعملُ الصالحُ، إذن العملُ الصالحُ ضابطُهُ أن يكونَ خالصًا للهِ موافقًا لشريعةِ الله.
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، رقم (٥٢)، ومسلم: كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، رقم (١٥٩٩)، من حديث النعمان بن بشير ﵄.
(^٢) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام، رقم (٨)، من حديث عمر ﵁.
1 / 228