الآية (١٩)
* * *
* قالَ الله ﷿: ﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٩].
* * *
قوله ﷿: ﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ﴾: ﴿أَمَّا﴾ هذه حَرْفُ شَرْطٍ وتفصيلٍ، وتُفيدُ مع الشَّرْطِ والتَّفْصيلِ: التَّوْكيدَ؛ كقوله ﷿: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ﴾ وهنا قال ﷾: ﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى﴾ فيكون فيها ثلاثُ فوائِدَ:
١ - شرطِيَّة: بدليلِ أنَّها أتى لها جوابٌ: ﴿فَلَهُمْ﴾.
٢ - تَفْصِيليَّة: لأنَّها أتت بِقِسْمَيْنِ ﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ و﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا﴾.
٣ - توكيديَّة: لأنَّه لا شكَّ أنَّ هذه الصِّيغَةَ تُفيدُ التَّوْكيدَ.
وقوله تعالى: ﴿فَلَهُمْ﴾ هذا جوابُ الشَّرْطِ.
وقوله ﷾: ﴿فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى﴾ الجناتُ جَمْعُ جَنَّة، وهي في اللُّغَة: الحديقةُ الكَثيرَةُ الأشجارِ، وسُمِّيَت به لأنها تَجُنُّ مَن فيها أي تَسْتُرُه، لكنَّها في الشَّرْعِ: الدَّار التي أعدَّها الله ﷾ لأوليائه، فهي أعلى مما يدور في الخيال أو يَخْطُر على البالِ.